يرى فنتولى ذبحه أنا وأنت فتشتد يده ورجله وتسخط أنت فإن الملك أهل ذلك منا في إحسانه إلينا وائتمانه إيانا وتشريفه ورفعته لنا ومتى يراك تفعل ذلك قدامه تزدد عنده رفعة ومحبة وقربة ومنزلة وعليك كرامة وعنده أمانة ولنا تعظيما وكان ذلك من أم إبراهيم مكيدة وحيلة وخديعة حدثت (1) بها زوجها لما قام به في نفسها من كتمان إبراهيم إذا هي ولدته وإخفائه والحيلة به فصدقها آزر وأمنها وظن أن الامر على ما قالت فلما حضر شهرها الذي تلد فيه (2) قالت لزوجها إني قد أشفقت من حملي هذا إشفاقا لم أشفقه من حمل كان قبله وقد خشيت أن تكون فيه منيتي وقد وطنت نفسي فيه على الموت وقد أصبحت أنتظر ولست أدري متى يبغتني وأنا أرغب إليك بحق صحبتي إياك ويميني عليك وتعظيمي لحقك أن تنطلق إلى الإله الأعظم الذي يعبده الملك وعظماء قومه فيشفع لي بالسلامة والخلاص وتعتكف عليه حتى يبلغك أني قد سلمت وتخلصت فإن الرسل تجري فيما بيني وبينك فإذا بلغتك السلامة رجعت إلى أهلك وهم سالمون وأنت محمود قال لها آزر لقد طلبت أمرا جميلا واجبا لك حقه علي إنه فيما بيني وبينك وفي حقك وحق خدمتك وصحبتك يسير وكانت أم إبراهيم تريد حين تلده وزوجها غائب أن تحفر له نفقا تحت الأرض تغيبه فيه فإذا رجع زوجها من عكافته أخبرته أنه قد مات ودفن وكانت عنده أمينة مصدقة لا يتهمها ولا يكذبها فانطلق الرجل حيث أمرته فاعتكف أربعين ليلة وولد إبراهيم عليه السلام ساعة قفا أبوه وكتمته أمه وتمكنت في أربعين ليلة من الذي أرادت من حاجتها كلها لطفا من الله لإبراهيم وكرامة ونجاة مما أرادته الكيد والعداوة وخرج الرسول من أمه إلى أبيه بما يجد من الوجع والمشقة حتى إذا فرغت مما أرادت وانصرف إليها زوجها فأخبرته أنها ولدت غلاما به عاهة شديدة ثم مات فاستحيت أن تطلع الناس على ما به فكتمت من أجل ذلك حتى قبرته فصدقها زوجها وجعلت تختلف إلى إبراهيم فتدخل إليه بالعشية وكان جل ما يعيش به اللبن لأنه كان لا يكون مولود ذكر إلا ذبح فكانت تستحلب له النساء اللاتي ذبح أولادهن فتجد من ذلك ما شاءت فسقته ألبان حولين كاملين توجره إياه فعاش بذلك عيشا حسنا وصلح عليه جسمه فلما بلغ القطام فصلته
(١٦٩)