قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم النسيب وأبو الوحش المقرئ عنه نا أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي الكاتب نا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد أنا العكلي عن ابن أبي خالد عن الهيثم قال بلغه أن سعيد بن العاص قال لما قتل أبي يوم بدر كنت في حجر عمي أبان بن سعيد وكان ولي صدق وأنه خرج تاجرا إلى الشام فمكث هنالك سنة ثم قدم علينا وكان شديد السب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) شديد الحرد عليه فلما بلغني قدومه خرجت حتى جئته فكان أول ما سأل عنه أن قال ما فعل محمد فقال عمي عبد الله بن سعيد هو والله أعز ما كان قط وأعلى أمرا والله فاعل به وفاعل فسكت ولم يسبه كما كان يفعل وقام القوم فمكث ليالي ثم أرسل إلى سراة بني أمية وقد صنع لهم طعاما فلما أكلوا قال ما فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالوا فعل الله به وفعل وقد أكثرت من السؤال عنه فما شأنك فقال شأني والله أني ما أرى شرا دخلتم إلا دخلت فيه ولا شرا ولا خيرا تركتموه إلا تركته ولم أره خيرا تعلمون أني كنت بقرية يقال لها بامردى (1) وكان بها راهب لم ير له وجه منذ أربعين (2) سنة فبينا أنا ذات ليلة هنالك إذ النصارى يطيبون المصانع والكنائس ويصنعون الأطعمة ويلبسون الثياب فأنكرت ذلك منهم فقلت ما شأنكم قالوا هذا راهب يقال له بكا لم ينزل إلى الأرض ولم ير فيها مذ أربعين سنة وهو نازل اليوم فيمكث أربعين ليلة يأتي المصانع والكنائس ويقول وينزل على الناس فلما كان الغد نزل فخرجوا واجتمعوا وخرجت فنظرت إليه فإذا شيخ كبير فخرجوا وخرج معهم يطوف فيهم فمكث أياما وأني قلت لصاحب منزلي أذهب معي إلى هذا الراهب فإني أريد أن أسأله عن شئ فخرج معي حتى دخلنا عليه فقلت قد كانت لي إليك حاجة فأخلني فقام من عنده حتى بقيت فقلت له إني رجل من قريش وإن رجلا منا خرج فينا يزعم أن الله عز وجل أرسله مثل ما أرسل موسى وعيسى فقال من هو فقلت من قريش قال وأين بلدكم قلت تهامة ثم مكة قال لعلكم تجار العرب أهل بيتكم قلت نعم قال ما اسم صاحبك قلت محمد قال ألا أصفه لك ثم أخبرك عنه قلت بلى
(١٢٨)