عبد السلام المقدسي كنت نائما في منزل الشيخ أبي الحسن بن الزعفراني ببغداد ليلة الأحد الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وأربعمئة فرأيت في المنام عند السحر كأنا اجتمعنا عند الشيخ الإمام أبي بكر الخطيب في منزله بباب المراتب لقراءة التاريخ على العادة فكأن الشيخ الإمام أبو بكر جالس (1) والشيخ الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم عن يمينه وعن يمين الفقيه نصر رجل جالس لم أعرفه فسألت عنه فقلت من هذا الرجل الذي لم تجر عادته بالحضور معنا فقيل لي هذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جاء ليسمع التاريخ فقلت في نفسي هذه جلالة الشيخ أبي بكر إذ يحضر النبي (صلى الله عليه وسلم) مجلسه وقلت في نفسي وهذا أيضا رد لقول من يعيب التاريخ ويذكر أن فيه تحاملا على أقوام وشغلني التفكير في هذا عن النهوض إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسؤاله عن أشياء كنت قد قلت في نفسي أسأله عنها فانتبهت في الحال ولم أكلمه أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني حدثني أبو القاسم مكي بن عبد السلام المقدسي بدمشق قال مرض الشيخ أبو بكر الخطيب أحمد بن علي بن ثابت رحمه الله ببغداد في النصف من شهر رمضان إلى أن اشتد به الحال غرة ذي الحجة وآيسنا (2) منه وأوصى إلي أبي الفضل بن خيرون ووقف كتبه على يده وفرق جميع ماله في وجوه البر وعلى أهل العلم والحديث وتوفي رحمه الله يوم الاثنين رابع ساعة السابع من ذي الحجة وأخرج الغد يوم الثلاثاء طلوع الشمس وعبروا به من الجانب الشرقي على الجسر إلى الجانب الغربي إلى مسجد معروف إلى نهر طابق (3) وحضر عليه خلق كثير من أماثل الناس النقباء والأشراف والقضاة والشهود والفقهاء وأهل العلم والصوفية والمستورين والعامة وتقدم الشريف القاضي أبو الحسين بن المهتدي بالله وكبر عليه أربعا وحمل إلى باب حرب فصلى عليه ثانيا أبو سعد بن أبي عمامة بأهل النصرية (4) والحربية (5) ودفن إلى جانب قبر بشر بن الحارث الحافي
(٣٨)