قال أسامة فقضينا حجنا (1) ثم انصرفنا فلما نزلنا الروحاء فإذا تلك المرأة أم الصبي قد جاءت ومعها شاة مصلية فقالت يا رسول الله أنا أم الصبي الذي أتيتك به قالت لا والذي بعثك بالحق ما رأيت منه شيئا يريبني إلى هذه الساعة قال أسامة فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا أسيم قال الزهري وهكذا كان يدعو يحمشه (2) ناولني ذراعها فأصلحت الذراع فناولتها إياه فأكلها ثم قال يا أسيم ناولني الذراع فقلت يا رسول الله قد قلت لي ناولني فناولتكها فأكلتها ثم قلت ناولني فناولتكها فأكلتها ثم قلت ناولني الذراع وإنما الشاة ذراعان فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أما إنك لو أهويت إليها ما زلت تجد فيها ذراعا ما قلت لك قال يا أشيم قم فأخرج فانظر هل ترى حجرا (3) لمخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فخرجت فمشيت حتى حسرت فما قطعت الناس وما رأيت شيئا أرى أنه يواري أحدا وقد ملأ الناس ما بين السدين قال فهل رأيت شجرا أو رجما (4) قلت بلى قد رأيت نخلات صغارا (5) إلى جانبهن رجم من حجارة فقال يا أسيم (6) اذهب إلى النخلات فقل لهن يأمركن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يلحق بعضكن ببعض حتى تكن سترة لمخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقل ذلك للرجم (7) فأتيت النخلات فقلت لهن الذي أمرني به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوالذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تقافزهن (8) بعروقهن وترابهن حتى لصق بعضهم ببعض فكن كأنهن نخلة واحدة وقلت ذلك للحجارة فوالذي بعثه بالحق كأني أنظر إلى تقافزهن حجرا حجرا حتى علا بعضهم بعضا فكن كأنهم جدار فأتيته فأخبرته فقال خذ الإداوة فأخذتها ثم انطلقنا نمشي فلما دنونا منهن سبقته فوضعت الإداوة ثم انصرفت إليه فانطلق يقضي حاجته ثم أقبل وهو يحمل الإداوة فأخذتها منه ثم رجعنا فلما دخل الخباء قال لي يا أسيم انطلق
(٣٧٠)