كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٢٢٥
الثاني: أن يكون مذهبه في حجية خبر الواحد هو نفس مذهب القدماء، بأن يكون المقتضى في خبر المخالف ناقصا غير تام، ولأجل ذلك لا يعارض خبر الموافق، بخلاف الموافق فإن الاقتضاء فيه تام، فيقدم على خبر المخالف، ولكن يعارض خبر الموافق الآخر. وفي ثبوت كلا الامرين نظر.
أما الأول، فلا ريب في إفادتها المدح التام وكون المتصف بها معتمدا ضابطا، وأما دلالتها على كونه إماميا فغير ظاهر، إلا إذا اقترنت بالقرائن، كما إذا كان بناء المؤلف على ترجمة أهل الحق من الرواة وذكر غيره على وجه الاستطراد، ففي مثل ذلك يستظهر كونها بمعنى الامامي، كما هو الحال في رجال النجاشي وغيره. وأما دلالتها على كون الراوي إماميا على وجه الاطلاق فهي غير ثابتة، إذ ليس للثقة، إلا معنى واحد، وهو من يوثق به في العمل الذي نريده منه، فالوثاقة المطلوبة من الأطباء غير ما تطلب من نقلة الحديث. فيراد منها الأمين في الموضوع الذي تصدى له. وعلى ذلك يصير معنى الثقة في مورد الرواة من يوثق بروايته، وتطمئن النفس بها لأجل وجود مبادئ فيه تمسكه عن الكذب، وأوضح المبادئ الممسكة هو الاعتقاد بالله ورسله وأنبيائه ومعاده، سواء كان مصيبا في سائر ما يدين، أو لا.
نعم نقل العلامة المامقاني في " مقباس الهداية " عن بعض من عاصره بأنه جزم باستفادة كون الراوي إماميا من اطلاق لفظ الثقة عليه، ما لم يصرح بالخلاف، كما نقل عن المحقق البهبهاني دلالته على عدالته (1).
ولكن كلامها منزل على وجود قرائن في كلام المستعمل تفيد كلا من هذين القيدين، وإلا فهو في مظان الاطلاق لا يفيد سوى ما يتبادر منه عند أهل اللغة والعرف.
هذا ولم يعلم كون الثقة في كلام القدماء الذين يحكي عنهم الشيخ

(١) مقياس الهداية: الصفحة 112.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست