قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١١ - الصفحة ١١٢
وقد قام يزيد شارب الخمور ورأس الفجور، يدعي الخلافة على المسلمين مع قصر حلمه وقلة علمه، لا يعرف من الحق موضع قدمه، فاقسم بالله قسما مبرورا!
لجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين، وهذا الحسين بن علي ابن رسول الله، ذو الشرف الأصيل والرأي الأثيل، له فضل لا يوصف وعلم لا ينزف، وهو أولى بهذا الأمر لسابقته وسنه وقدمته وقرابته، يعطف على الصغير ويحنو على الكبير، فأكرم به راعي رعية وإمام قوم وجبت لله به الحجة وبلغت به الموعظة، فلا تعشوا عن نور الحق ولا تسعكوا في وهدة الباطل، فقد كان صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول الله ونصرته، والله!
لا يقصر أحد عن نصرته إلا أورثه الله الذل في ولده والقلة في عشيرته، وها أنا قد لبست للحرب لامتها وأدرعت بدرعها، من لم يقتل يمت ومن يهرب لم يفت (إلى أن قال) والله يا بني سعد! لئن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم أبدا ولا زال سيفكم فيكم.
ثم كتب إلى الحسين (عليه السلام): " أما بعد، فقد وصل كتابك قد فهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له من الأخذ بحظي من نصرتك، وأن الله لم يخل الأرض قط من عامل عليها بخير أو دليل على سبيل نجاة، وأنتم حجة الله على خلقه ووديعته في أرضه، تفرعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها وأنتم فرعها، فأقدم سعدت يا سعد طائر، فقد ذللت لك أعناق بني تميم وتركتهم أشد تتابعا في طاعتك من الإبل الظمآء لورود الماء يوم خمسها، وقد ذللت لك رقاب بني سعد وغسلت درن صدورها بماء سحابة مزن حين استهل برقها، فلمع ". فلما قرأ الحسين (عليه السلام) الكتاب قال: " آمنك الله يوم الخوف وأرواك يوم العطش ". فلما تجهز للخروج إليه (عليه السلام) بلغه قتله (عليه السلام) فجزع من انقطاعه عنه (1).

(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»