حدثني محمد بن الحسن البراثي وعثمان بن حامد الكشيان، قالا: حدثنا محمد بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله المزخرف، عن أبي سليمان الحمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لأبي الجارود بمنى في فسطاطه رافعا صوته: يا أبا الجارود، كان والله أبي إمام أهل الأرض حيث مات لا يجهله إلا ضال، ثم رأيته في العام المقبل، قال له مثل ذلك، قال: فلقيت أبا الجارود بعد ذلك بالكوفة، فقلت له: أليس قد سمعت ما قال أبو عبد الله عليه السلام مرتين؟ قال: إنما يعني أباه علي بن أبي طالب عليه السلام! ".
أقول: هذه الروايات كلها ضعيفة، على أنها لا تدل على ضعف الرجل وعدم وثاقته إلا الرواية الثالثة منها، لكن في سندها علي بن محمد وهو ابن فيروزان ولم يوثق، ومحمد بن أحمد وهو محمد بن أحمد بن الوليد وهو مجهول، والحسين بن محمد ابن عمران مهمل، إذن كيف يمكن الاعتماد على هذه الروايات في تضعيف الرجل، فالظاهر أنه ثقة، لا لأجل أن له أصلا ولا لرواية الاجلاء عنه لما عرفت غير مرة من أن ذلك لا يكفي لاثبات الوثاقة، بل لشهادة الشيخ المفيد، في الرسالة العددية بأنه من الاعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والاحكام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم.
ولشهادة علي بن إبراهيم في تفسيره بوثاقة كل من وقع في إسناده، روى عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، وروى عنه كثير بن عياش. تفسير القمي: سورة آل عمران، في تفسير قوله تعالى: (إذ قلت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم).
أقول: في هذه الطبعة زياد بن المنذر عن أبي الجارود من غلط المطبعة والصحيح زياد بن المنذر أبي الجارود، كما في تفسير البرهان.
ويؤيد ذلك ما عرفته من ابن الغضائري من اعتماد الأصحاب على ما رواه محمد بن بكر الأرجني، عن زياد بن المنذر أبي الجارود.