وأيضا عدم إرجاع الصدوق السائل الذي سأله أن يصنف له كتابا في الفقه ليكون إليه مرجعه وعليه معتمده - نظير تصنيف الرازي من لا يحضره الطبيب - إلى الكافي مع أنه أوسع، لاشتمال الكافي على الأخبار المتعارضة وترجيح ما هو أحرى، وإعمال قانون التعارض شأن الفقيه، ولم يكن السائل فقيها يعرف ذلك، فسأله أن يصنف كتابا لمن لا يحضره الفقيه حتى يكون هو فقيهه، ولعله لا يمكنه الاستفادة من الكافي، أو لا يصل إليه، فصنف له هذا الكتاب. وبالجملة لا يدل على أدنى ضعف للكافي عنده، كما هو واضح.
وهكذا الكلام في قول الصدوق في باب الوصي يمنع الوارث: ما وجدت هذا الحديث إلا في كتاب محمد بن يعقوب، وما رويته إلا من طريقه، حدثني به غير واحد منهم محمد بن محمد بن عصام الكليني عنه.
الفقيه ج 4 ص 222. وظاهره العمل بها لأنه لم يذكر لعنوان الباب غير هذه الرواية، بل نقله لعنوان الباب هذه الرواية فقط تقوية وتصحيح منه لها وحكم بصحتها، وإلا لا وجه لذكره.
وهذا كما ترى صريح في أن الكافي كان عنده، وأخذ الحديث منه، ومحمد بن محمد بن عصام وغيره من شيوخ إجازة نقل أحاديث كتاب الغير، وهكذا الكلام في سائر الأصول المشهورة التي كانت عنده يأخذ أحاديث كتابه منه، وفي آخر ذكره ذكر بعض شيوخ الإجازة الذين كان يتوصل بهم إلى صاحب الأصل.
ومنها ما ربما يستشكل من لا حظ له من تتبع الأصول وأخذ المشايخ الثلاثة عنها، من أن إختلاف هذه الكتب في الأسانيد يستكشف عدم صحة القطع بصدور أخبارها عن المعصومين (عليهم السلام). وهذا الاستشكال مدفوع، لأن الاختلاف في ذكر طرقهم إلى ومشايخهم إلى الأصول وطرقهم إلى صاحب الأصل كثيرة، قد يذكرون بعضها، وقد يختصرون، وقد يفصلون، كالمتأخرين فإن طرقهم إلى أصحاب الجوامع الأربعة كثيرة قد يذكرون