المشورة في أمر هذا المتغلب، فاتفق رأيهم على سمه إذا جاء إلى دار أحدهم، وكان رجل من خدم بعض الرؤساء مع هؤلاء، فذهب وأخبر احمد الجزار مما انعقد عليه الرأي من الجماعة، فتصاهر الجزار بالعداوة لهؤلاء، فأخذ بعضهم وحبسه وعذبهم وبعضهم قتله، وأرسل في الليل جماعة على قبض السيد صالح وولده السيد أبى البركات بطريق الغيلة لا بالمجاهرة، فطرقوا باب السيد ونادوا ان لنا مسألة شرعية قد ابتلينا بها، فأرسل السيد ولده أبا البركات ليجيبهم عنها - قال: وكان من المجتهدين المسلمين - فخرج ولم يرجع، فقال السيد بنفسه فخرج فقبضوا عليه.
قال: أما السيد أبو البركات فقتلوه بمحضر أبيه، وحبسوا السيد في المطبق وكان لا يميز فيه الليل من النهار، فضاق صدر السيد لذلك فقال لمن معه في الحبس - وكانوا ستة من أهل البلاد -: أني قد ضاق صدري وأريد أن أدعو بالفرج، فدعوت فأمنوا من دعائه، فدعا بدعاء الطائر الرومي المروي في مهج السيد ابن طاوس، فانشق الحبس فخرج والستة معه وتوجه من ساعته إلى العراق.
ولما عرف الجزار بذلك أرسل جنده فحملوا خزانة كتبه، وكانت خزانة جليلة تشتمل على ألوف وفيها مصنفاته ومصنفات آبائه، فلما جاؤوا بالكتب إلى ساحل البحر فحلوا الحمول فتشوا الكتب، فكل ما كان من مصنفات الشيعة ألقوه في البحر وما كان من غيرهم حملوه إلى عكا. ولما علم السيد صالح بذلك أرسل على عيالاته وأولاده فرحلوا إليه. انتهى ملخصا.
وأم السيد أبى البركات الشهيد الست بنت الشيخ علي بن محيي الدين بن علي بن محمد بن حسن بن زين الدين الشهيد الثاني.
وكان السيد أبو البركات شابا لم يبلغ الثلاثين سنة. رضوان الله عليه.