تولد في النجف الأشرف سنة خمس وثلاثين ومائتين والألف، وفي أيام رضاعه زمت ركائب والده العلامة إلى نحو خراسان بالأهل والعيال، وبعد زيارة الإمام الرضا عليه السلام مال إلى زيارة أخيه السيد الصدر بأصفهان، فسأله الإقامة معه حيث كانت أصفهان محط رحال الأفاضل في ذلك الزمان، فأقام غير بعيد وفاجأه القضاء في سنة 1241 كما شرحناه في ترجمته.
فكفل الوالد السيد عمه آية الله في العاملين السيد صدر الدين، ورباه في حجره، وكان أعز ولده، وكانت تزداد عنايته به ورعايته له يوما فيوما لما كان يرى من حسن استعداده للعلم ورغبته فيه، وهو مع ذلك يزيد في تشويقه، حتى أنه كتب له ألفية ابن مالك بالخط الفاخر على ورق الترمة وذهبها له، وقرر له في حفظ كل عشرة أبيات وأعرابها مع تفسيرها أشرفي.
وهكذا كانت عنايته به ورعايته له، حتى فرغ من كل العلوم العربية وسائر المقدمات كالمنطق والشرائع وأصول المعالم وهو ابن الثني عشرة سنة، وقد برع فيما قرأ حتى صار يحضر عالي مجلس درس عمه العلامة في الفقه بأمره قبل بلوغه الحلم، وصار يستفيد من أنوار علومه ويتكلم في بحثه، وهو مع ذلك يقرأ على أستاذه المنطق والكلام، وكان هذا الأستاذ هو الشيخ عبد الكريم المعروف الجامع للعلوم الغريبة والعلوم المتعارفة، فالتمسه على تعلم علم الحروف والأعداد والرمل، وصار يرغبه في ذلك لما يرى من علو فهمه وكمال استعداد، حتى أجابه إلى ذلك وتعلم من تلك العلوم الغريبة ما يبهر العقول، لكنه أخفى علمه بها إلى آخر عمره، ولم يكن لاحد ماسكة الكتمان التي كانت له، حتى أني سألته ذات يوم أن يعلمني بعضها فقال: يا ولدي ما في تعلم هذه العلوم فريد فائدة الا لمن يقدر على كتمانها، أما تراني؟!.
ثم بعد ما فرغ من درس عمه هاجر إلى النجف ولازم درس الشيخ حسن