وكم حمل على الرؤوس...
وكم حمل على رقاب أعواد، أرعبتها الخشية والقلق، وهدها المرض، وأضناها السهر، وأتعبها التنقال وآلمها نكران الجميل، وروعها تخلف الأحبة، من ولد وتلد من أهل وأصدقاء وأبناء بلد.
بل، وعلى عود متآكل، عضته أنياب السنين، وقد ضاع منه فيما ضاع، في هذه المحنة والمصيبة، الكثير الكثير من نتاجات العمر وحصائله.
بل، وعز عليه، مفارقة الوطن - وإن كان الاسلام وبلد الاسلام كله وطنا.
بل، وشق عليه، مغادرة الوطن، وطن الأنبياء، ومراقد الأئمة، ومدارس الأولياء، و ملاعب دجلة والفرات.
ووطن، يا ما حلا العمر فيه، وسما النضال من اجله،...
أرض، يا ما حلا التجوال فيه، وطاب العيش له،...
بلد، يا ما صفت فيه مودة، وسلمت فيه طوية، رغم النكبات والنكبات، وطابت عنده أمهات، أخوات زكيات مجاهدات...
أليس، هو مضجع (آدم) و (نوح) و (ذي الكفل) و (عزير)، و (يونس)...؟
أنه بلد (الغري) و (كربلاء) و (أربيل) و (حدباء)...
أنه مقبرة العظماء، من طوسيها، وكلينيها، ومحققها وعلامتها، وجواهريها و أنصاريها، وغيرهم لا زالوا كثيرين كثيرين.
هو والله، يا ما حلا فيه شعر وكتاب وخطبة، ويا ما حن قريض و (حسچه).
- 3 - إيه، كل هذا، وهو بعض من كل، وهل يقوى بعض من كل، وهل يقوى بعض على ذكر ذلك الكل...؟
إيه إيه، وبعد هذا، كانت لنا إلى الشهيد عودة.، فعدنا نقلب أوراقه ونجدد تلك المأثرة الحديثية، بما يناسبها من جهد، وبما يتسع لنا من مجهود.
عدنا، وكان من بين وريقات ذلك الزمان، زمان الوصل والوداد، زمان العراق و ما ادراك ما العراق، زمان النجف الأشرف ومساجدها وحلقاتها،...
كان من بين تلك الورقات، ورقة تحمل تاريخ: 25 شوال، 1389 ه، 6 كانون الأول 1970 م.
وكان في مقدمة تلك الورقات، أسطر كتبت يوم ذاك، كي تكون وريقة بين يدي أوراق (دراية الشهيد).