الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٤٤
صح عنه القصر في الأميال اليسيرة جدا. وفي الميل وفي سفر ساعة.
وعللوا الشفعة في الأرضين والحكم على الشريك يعتق شقصه في العبد والأمة يعتق الباقي: بأن ذلك الضرر بالشريك.
وتناقضوا في ذلك في قولهم: لا شفعة في الجوهر ولا في العبيد ولا في الحيوان ولا في الثياب ولا في السيوف، وقد علم كل ذي عقل أن الضرر في ذلك بالشركة وانتقال الملك بالصدقة أو البيع أعظم من الضرر في الأرضين.
فهلا قاسوا ههنا كما قاس المالكيون الشفعة في التين والرطب على الشفعة في الأرضين خوف الضرر الداخل على الشريك؟.
وهلا قاسوا هبة الشريك على بيعه؟ فيقولوا: شريكه أولى بالهبة لئلا يدخل عليه ضرر؟.
فإن قالوا: لم يرد أن يهبه، قيل لهم: وكذلك لم يرد أن يبيع منه.
فإن رجعوا إلى النص فقد امتدوا، ولزمهم ألا يقيسوا أصلا، ولا يتعدوا حدود الله في النصوص، ولا يقيسوا الشفعة في التين والثمار - دون سائر العروض على وجوبها في الأرضين والأشجار عندهم.
وهلا قاسوا من حبس شقصا له في أرض مشارعه على من أعتق شقصا له في عبد، لاجتماعهما في الضرر؟ ولكن هكذا يفضح الباطل أهله. وكذلك يكون تناقض أهله.
وهل قاسوا المعسر بعتق شقصه على الموسر بعتق شقصه، لان الضرر في ذلك واحد، وهم يقيسون عليه كل من أتلف شيئا فيوجبون عليه فيما عدا المكيلات والموزونات القيمة لا المثل، قالوا: نفعل ذلك قياسا على تقويم الشقص على المعتق، فهلا قوموا على المعسر إذا أعتق كما يقومون عليه فيما أتلف ويتبعه به دينا؟.
قال أبو محمد: وفيما ذكرنا كفاية، وقلما تخلو لهم مسألة من مثل ما أوردنا وبالله تعالى التوفيق.
وقال بعض حذاقهم: قد تكون علة الخصم علة لخصمه عليه في إبطال قوله.
(١١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1139 1140 1141 1142 1143 1144 1145 1146 1147 1148 1149 ... » »»
الفهرست