وهيجان الرغبة إليه (ثم الجزم) وهو التصديق بفائدته وبدفع ما يوجب التوقف عنه (ثم العزم) والقصد أي الشوق الأكيد المسمى بالإرادة المستتبع لحركة العضلات نحو الفعل ولاختياره خارجا ومن المعلوم ان مقدمات الاختيار غير اختيارية فان اختيارية الأفعال تكون بها فلو كانت هي اختيارية أيضا لكانت بمقدمات أخرى فيتسلسل وقد تقدم نظير ذلك في التعبدي والتوصلي أيضا (فقال) المصنف هناك فان الفعل وان كان بالإرادة اختياريا الا ان إرادته حيث لا تكون بإرادة أخرى وإلا لتسلسلت ليست باختيارية (انتهى) فجعل الكلام هناك في نفس الإرادة وجعله في المقام في مجموع مبادئ اختيار الفعل التي منها الإرادة (وعلى كل حال) إذا كانت مقدمات الاختيار الأربع ومنها القصد غير اختيارية لم يصح العقاب على القصد والعزم عقلا.
(وقد أجاب المصنف) عن الإشكال بأمرين:
(الأول) ما أشار إليه بقوله قلت مضافا إلى ان الاختيار... إلخ (وحاصله) ان الاختيار وان لم يكن بالاختيار الا ان بعض مباديه وهي المقدمة الثالثة أي الجزم والتصديق بفائدة الفعل وبدفع ما يوجب التوقف عنه غالبا يكون بالاختيار فإن خطور الشيء في النفس وهكذا الميل وهيجان الرغبة إليه وان كان أمرا قهريا خارجا عن تحت الاختيار ولكن الجزم أمر اختياري لجواز التأمل فيما يترتب على الفعل والتدبر في عواقبه وتبعاته من العقوبات. والمؤاخذات فيصرف النفس عنه ويمنع ذلك عن وصول الميل وهيجان الرغبة إلى مرتبة الجزم والتصديق بالفائدة ثم الشوق الأكيد المستتبع لحركة العضلات نحو الفعل.
(الثاني) ما أشار إليه بقوله يمكن أن يقال إن حسن المؤاخذة... إلخ (وحاصله) ان استحقاق العقاب هو من البعد والبعد من التجري أي من قصد المعصية والتجري من سوء سريرته وخبث باطنه وهما ذاتيان والذاتي لا يعلل كما تقدم في الطلب والإرادة فان الذاتي ضرورية الثبوت للذات ليس مجعولا له تعالى