على الطهارات الثلاث التي ثبت عباديتها من بين المقدمات، من تقريب انه كيف المجال لمقربيتها ولترتب المثوبة عليها مع أن الامر الغيري بما هو أمر غيري من جهة توصليته لا إطاعة له ولا قرب في موافقته ولا مثوبة على امتثاله، إذ نقول بان ذلك كله مبنى على تخصيص المثوبة والعقوبة والقرب والبعد بموافقة الامر النفسي ومخالفته والا فعلى ما ذكرنا من المدار في استحقاق المثوبة و العقوبة بكونه على عنوان التسليم للمولى وبالفارسي (فرمانبردأرى از مولى وتن زير بار مولى دادن) فلا جرم يندفع تلك الاشكالات وذلك: اما إشكال ترتب المثوبة فمن جهة تحقق موضوعه وهو عنوان التسليم كما أوضحناه، واما إشكال المقربية فكذلك أيضا من جهة تحقق القرب حينئذ بإتيانها بداعي محبوبيتها ومراديتها للمولى ولو بإرادة غيرية.
وعلى ذلك لا يحتاج في التفصي عن الاشكال إلى الجواب عنه تارة بما أفيد في الكفاية من كشف رجحان نفسي في هذه الطهارات بدعوى ان مقربيتها حينئذ انما هي لكونها في نفسها أمورا عبادية ومستحبات نفسية لا لكونها مطلوبات غيرية وان الاكتفاء بأمرها الغيري لمكان أنه لا يدعو إلا إلى ما هو عبادة في نفسه، وأخرى بكشف عنوان بسيط يكون هو المأمور به - كما عن الشيخ - بدعوى انه ربما لا تكون تلك الحركات والسكنات محصلة لما هو المقصود منها من العنوان الذي صارت بهذا العنوان مقدمة وموقوفا عليها، فلا بد حينئذ في إتيانها بذلك العنوان من حيلة وهي قصد ذلك الامر المقدمي وذلك أيضا لا من جهة اقتضاء الامر الغيري لذلك بل من جهة الإشارة إلى ذلك العنوان نظرا إلى عدم دعوة هذا الامر إلا إلى ما هو الموقوف عليه فالاتيان بالطهارات حينئذ بقصد امرها كان من جهة إحراز العنوان الذي لأجله صارت تلك الحركات والسكنات مقدمة و موقوفا عليها، كي يورد عليه بما في الكفاية من إمكان الإشارة الاجمالية حينئذ إلى ذلك العنوان البسيط بوجه آخر ولو بقصد امرها وصفا لا غاية وداعيا مع كون الداعي إليها شيئا آخر من شهوة أو غيرها، وعدم وفائه أيضا بدفع إشكال ترتب المثوبة بلحاظ ان قصد الامر لأجل إحراز عنوان المقدمة لا لكون المأمور به مطلوبا على جهة التعبد به غير موجب لاستحقاق المثوبة عليه من جهة، وثالثة بغير ذلك مما هو مذكور في التقريرات وغيره.
وبالجملة فهذه الأجوبة كلها كما ترى مبنية على عدم قابلية الأوامر الغيرية من جهة