حضور وقت العمل بالعام أو بعده.
وقد عرفت ابتنائه على تسليم مقدمتين: الأولى قبح تأخير البيان عن وقت حضور عمل المكلف بالعام، والثانية اعتبار كون النسخ رفعا للحكم الفعلي على الاطلاق، حيث إنه على تقدير تمامية هاتين المقدمتين لا بد من التفصيل المزبور وملاحظة كون الخاص واردا قبل حضور وقت العمل بالعام أو بعده، بالالتزام بالتخصيص في الأول وبالنسخ في الثاني.
ولكن كلتا المقدمتين ممنوعة وذلك: اما المقدمة الأولى - وهي قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة - فان أريد من وقت الحاجة وقت حاجة المولى إلى بيان مرامه فقبحه مسلم لا إشكال فيه بل هو محال، من جهة استلزامه نقض الغرض الذي هو من المستحيل في حق الحكيم، ولكن صغراه في المقام ممنوعة، حيث نمنع تعلق غرض الشارع في مثل تلك العمومات ببيان المرام الواقعي، ومجرد احتياج المكلف إلى العمل لا يقتضى كون وقت حاجته هو وقت حاجة المولى، من جهة جواز التفكيك بينهما. وان أريد بذلك وقت حاجة المأمور والمكلف ولو لم يكن وقتا لحاجة المولى إلى البيان فقبحه غير معلوم بل معلوم العدم، حيث إنه من الممكن كون المصلحة في إلقاء ظهور العام إلى المكلف على خلاف المرام الواقعي ليأخذ به و يتكل عليه حجة وبيانا إلى أن يقتضى المصلحة بيان المرام الواقعي، كيف وانه كفاك في ذلك ما في موارد التعبد بالأصول والامارات المؤدية على خلاف الواقعيات مع تمكن المكلف من تحصيلها بالاحتياط أو بالسؤال عن الأئمة عليهم السلام بل وكثير من الاحكام التي بقيت تحت الحجاب إلى قيام الحجة عجل الله فرجه مع احتياج العباد إليها، ومن المعلوم حينئذ انه مع إمكان ذلك واحتمال وجود المانع عن إبراز المرام النفس الامري اما مطلقا أو إلى وقت خاص أو قيام المصلحة الأهم في عدم الابراز لا مجال لاثبات كون الخاص المتأخر عن وقت العمل بالعام ناسخا لا مخصصا، بل حينئذ كما يحتمل فيه كونه ناسخا يحتمل أيضا كونه مخصصا. نعم لو قيل بان وقت حاجة المأمور ووقت العمل بالعام هو بعينه وقت حاجة المولى إلى بيان المرام النفس الامري وهو الخصوص لاتجه الحمل على النسخ في الخاص المتأخر، ولكن دون إثباته خرط القتاد، لما عرفت من عدم السبيل إلى هذه الدعوى بعد احتمال وجود مانع أو مزاحم أقوى في البين اقتضى إخفاء الواقعيات بإلقاء الظهور إلى المكلف على خلافها اما إلى