المقصد الرابع في العموم والخصوص وفيه جهات من البحث:
الجهة الأولى لا يخفى عليك ان العموم والخصوص كالاطلاق والتقييد انما كان من صفات المعنى ومن العوارض الطارية عليه وان اتصاف اللفظ بهما انما كان بتبع المعنى، من جهة ما كان بينهما من العلاقة والارتباط الخاص. ثم إن حقيقة العموم عبارة عن الإحاطة والاستيعاب للافراد بنحو العرضية أو البدلية، لكن لا مفهوم الإحاطة بل ما هو واقع الإحاطة ومصداقها الذي هو منشأ انتزاع هذا المفهوم الذي هو في الحقيقة معنى حرفي.
واما الاشكال عليه حينئذ بلزوم عدم جواز إجراء أحكام الاسم على الألفاظ الموضوعة للعموم كلفظ كل وجميع ومجموع ونحوها، من الاخبار عنها وبها ونحوهما من الاحكام المختصة بالأسماء، مع أنه لا يكون الامر كذلك قطعا، حيث نرى صحة إجراء الاحكام المزبورة عليها بالاخبار عنها وبها وجعلها فاعلا ومفعولا ونحو ذلك فمدفوع، فإنه انما يتجه الاشكال المزبور فيما لو كان المدلول المطابقي للفظ كل وتمام وجميع هو نفس الإحاطة والاستيعاب، ولكنه ليس كذلك، بل نقول بان مدلولها المطابقي عبارة عن معنى اسمي يلزمها الإحاطة والاستيعاب والشمول، وهو مقدار كم المدخول وتحدده بأعلى المراتب الذي لازمه الاستيعاب. فالمدلول في لفظ كل و تمام وجميع من قبيل مداليل الأسامي الموضوعة للكميات والمقادير، نظير باقي الكسور كالنصف والربع والثلث، فكان لفظ الكل مثلا يبين مقدار كم المدخول بكونه أعلى المراتب في قبال البعض المحدد لدائرته بالبعض، ولازم ذلك، كما عرفت، عقلا هو الإحاطة و الاستيعاب لجميع الافراد المندرجة