الأمر الثامن قد اختلفوا في ثبوت الحقيقة الشرعية وعدم ثبوتها على أقوال: ثالثها التفصيل بين الألفاظ المتداولة الكثيرة الدوران وبين غيرها، بالثبوت في الأول دون الثاني. وليعلم بان مورد النزاع في هذا البحث بين الفريقين نفيا وإثباتا انما هو الماهيات المخترعة الشرعية كالصلاة والصوم والحج ونحوها، وإلا ففي المفردات كالركوع والسجود والقيام والقعود ونحوها وكذا المخترعات العرفية لا مجال لجريان هذا البحث والنزاع، إذ فيها لا يكون استعمال الشارع ألفاظها إلا في معانيها العرفية أو اللغوية كما في استعماله غيرها من الألفاظ المتداولة كالماء والتراب والحجر ونحوها، ومجرد اعتبار الشارع فيها بعض القيود عند الامر بها والبعث نحوها بالايجاد بدال آخر عليه غير موجب لجريان النزاع فيا أيضا، إذ عليه لا يكون استعمال الشارع تلك الألفاظ إلا في نفس معانيها العرفية أو اللغوية غايته انه في مقام المطلوبية أفاد بعض القيود والخصوصيات فيا بدال اخر. ومن ذلك البيان ظهر خروج المعاملات طرا كالبيع والصلح والإجارة ونحوها عن حريم هذا النزاع حيث كان حقائقها حقائق عرفية أمضاها الشارع، غايته انه اعتبر فيها بعض القيود الوجودية أو العدمية بدال آخر ككونه مقترنا بأمر كذا وفي حال عدم كذا. وعليه فلا ينبغي عد ذلك تفصيلا في المسألة كما يظهر عن بعض حيث فصل بين العبادات والمعاملات إذ التفصيل المزبور فرع عموم النزاع وجريانه حتى في المخترعات العرفية كما هو واضح.
بل ومن هذا البيان ظهر ابتناء هذا النزاع وجريانه في العبادات أيضا على أن يكون حقائقها مستحدثة في شرعنا، وإلا فبناء على ثبوتها في الشرائع السابقة وكون الاختلاف فيها بين الشريعتين في خصوصيات الافراد نظير اختلافها بحسب حالات المكلفين كما ينبئ عنه واحد من الآيات من مثل قوله عز من قائل: أوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا () وقوله سبحانه لإبراهيم عليه السلام وأذن في الناس بالحج () وقوله