من بيان مدخلية قصد الامتثال في غرضه على فرض دخله فيه واقعا، وبيانه انما هو بأمره به مستقلا لكي لا يذهب المكلف ويستريح في بيته وينام متكلا على حكم عقله بالبرأة وقبح العقاب بلا بيان، والا فمع عدم أمره بذلك لكان قد أخل بما هو مرامه وغرضه، ومن المعلوم بداهة ان كمال المجال حينئذ لأعمال المولوية بأمره، إذ لا نعني من الأمر المولوي الا ما كان رافعا لموضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان لقلب عدم البيان بالبيان، كما هو الشأن أيضا في الأمر الأول المتعلق بذات العبادة، فكما ان الأمر الأول أمر مولوي و رافع لموضوع حكم العقل بالبرأة بلا كلام، كذلك الأمر الثاني المتعلق بقصد الامتثال فهو أيضا أمر مولوي قد أعمل فيه جهة المولوية لرفع موضوع حكم العقل بالبرأة.
نعم بناء على مبنى مرجعية الاشتغال عند الشك في اعتبار هذه القيود ربما يتوجه الاشكال المزبور، إذ يمكن أن يقال حينئذ بأنه بعد حكم العقل واستقلاله بالاشتغال لا يلزم على المولى بيان دخل قصد الامتثال في تحقق غرضه، من جهة إمكان اتكاله حينئذ على قضية حكم العقل بالاشتغال، ومعه لا يلزم من عدم بيانه إخلال منه بغرضه كي يجب عليه البيان، هذا.
ولكن يمكن دفع الاشكال المزبور على هذا المسلك أيضا، إذ نقول حينئذ: بأنه على هذا البيان وان لم يجب على المولى الأمر المولوي بداعي الامر، من جهة جواز اتكاله على حكم العقل بالاشتغال، الا انه لو أمر بها حينئذ لا يلزم منه اللغوية، كيف وان للمولى حينئذ بيان كل ما له الدخل في تحقق غرضه بالامر به، ويكفى في فائدته ارتفاع موضوع حكم العقل بالاشتغال، من جهة ان حكم العقل بالاشتغال كحكمه بالبرأة انما هو في ظرف الشك بالواقع وبعد بيان المولى ما له المدخلية في تحقق غرضه واقعا يرتفع موضوع حكم عقله بالاشتغال كارتفاع موضوع حكمه بالبرأة. نعم لو انحصر فائدة الأمر المولوي بإحداث الداعي للمكلف نحو المطلوب لأمكن دعوى لغوية امره مولويا مع حكم العقل الجزمي بالاحتياط ولكنه ليس كذلك، بل نقول: بأن من الفوائد أيضا إعلام المكلف بما له المدخلية في حصول غرضه واقعا لكي يرتفع به موضوع حكم عقله بالاحتياط كما هو واضح. وحينئذ فعلى كل حال يكون الامر المتعلق بداعي الامر أمرا مولويا لا إرشاديا.
نعم انما يتوجه هذا المحذور في مورد علم من الخارج بعبادية المأمور به، فإنه في هذا الفرض يصير أمره الثاني لغوا محضا، ولكن الشأن كله في حصول هذا العلم من الخارج خصوصا