قد نصب نفسه لله سبحانه في أرفع الأمور، من اصدار كل وارد عليه وتصيير كل فرع إلى أصله، مصباح ظلمات، كشاف عشوات (1)، مفتاح مبهمات، دفاع معضلات، دليل - فلوات، يقول ويفهم، ويسكت فيعلم، قد أخلص لله فاستخلصه، فهو من معادن دينه، وأوتاد أرضه، قد ألزم نفسه العدل، فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه، يصف الحق ويعمل به، لا يدع للخير غاية إلا أمها، ولا مظنة الا قصدها، قد مكن الكتاب من زمامه فهو قائده وامامه، يحل حيث حل ثقله، وينزل حيث كان منزله.
وقال (ع) أيضا (2): وآخر قد تسمى عالما وليس به، الحديث، وقد مضى تمامه في الأصل الثامن (3) ويستفاد من آخره مذمة علم الكتاب (4) وأهله وأنهم ليسوا بعلماء ويأتي في الأصل الآتي ما يؤكده وذلك لان العلم ما يوجب الخشية من الله والطمأنينة في السر كما دل عليه هذان الحديثان، وينبه عليه قوله تعالى: انما يخشى الله من عباده العلماء (5)، وليس ذلك الا اليقين والتحقيق المأخوذ من الله سبحانه كما قال الله عز وجل في حق من قال (6): وعلمناه من لدنا علما. وقال بعضهم (7): أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا