مهمته في الناس الذي خصه الله به.. وبعد ذلك قال (سلام هي حتى مطلع الفجر).. معنى ذلك لا ينزل فيها الا كل ما هو خير.. وكل ما هو سلام.. لان تنزلات الله بالخير في نواميسه جاءت خيرا للناس في كل ما يتصل بحياتهم..
هذا فيما يتعلق بماديات الحياة.. وفيما يتعلق بمعنوياتها.. فان خير ما ينزل في هذه الليلة هو القرآن الذي وضع آخر منهج لحركة حياة الانسان على الأرض..
وما دام الامر كذلك.. فإذا استقبلنا ما نزل في هذه الليلة.. وجعلناه منهجا.. في هذه الحياة ملا الكون السلام والرحمة والبركة.. فسلام ليلة القدر هو سلام لكل الأزمنة.. لا يختل السلام أبدا.. السلام نزل في ليلة القدر.. لكن نحن الذين ننفذه أو لا ننفذه.. فإن نفذناه يكون سلام ليلة القدر قد امتد لكل الأزمان.. وإذا أخذناه وعطلنا مهمته.. يكون السلام قد نزل في ليلة القدر..
ونحن الذين امتنعنا عن أن ننتفع بذلك السلام.
والمفروض اننا نمضي ليلة القدر في عبودية صادقة لله..
فإذا أمضينا هذه الليلة ونحن نعبد الله حق عبادته.. كان معنى ذلك اننا كررنا الزمن الذي أنزل فيه ما تحب.. وهو القرآن.. المنهج الذي أوضح لنا صفاء العبودية للحق سبحانه وتعالى.. فاحتفالنا بليلة القدر.. هو فرحتنا بتلك الليلة.. بما نزل فيها.. ولا نفرح بما نزل فيها إلا إذا كانت آثار ما نزل فيها قد نضحت على نفوسنا صفاء..
وعلى سلوكنا تضرعا.. وهنا يتجلى الله سبحانه وتعالى:
(ما دام عبدي قد فرح بمنهجي فرحا جعله يكرم ليلة البداية في نزول هذا المنهج فليس له جزاء عندي الا أن أغفر له)