أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ٩٧
وبالتواصي بالصبر، يستطيعون مواصلة سيرهم على هذا الصراط، ويتخطون كل عقبات تواجههم.
وبالتواصي بالمرحمة: يكونون مرتبطين كالجسد الواحد، وتلك أعطيات لم يعطها إلا القرآن وأعطاها في هذه السورة الموجزة. وبالله التوفيق.
تنبيه قال الفخر الرازي: إن الله تعالى لما أخبر عن هؤلاء بالنجاة من الخسران، وفوزهم بالعمل الصالح والإيمان، أخبر عنهم أنهم لم يكتفوا بما يتعلق بهم أنفسهم بل تعدوا إلى غيرهم، فدعوهم إلى ما فازوا به على حد قوله صلى الله عليه وسلم: (حب لأخيك ما تحب لنفسك) ا ه. ملخصا.
ويشهد لهذا قوله تعالى: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة) * إلى قوله * (ومن أحسن قولا ممن دعآ إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاهآ إلا ذو حظ عظيم) *.
فقد بين تعالى أن الناس أقسام ثلاثة، إزاء دعوة الرسل.
قوم آمنوا وقالوا: ربنا الله، واستقاموا على ذلك بالعمل الصالح.
وقوم: ارتفعت همتهم إلى دعوة غيرهم وهم أحسن قولا بلا شك.
وقوم: عادوا الدعاة وأساؤوا إليهم.
ثم بين موقف الدعاة من أولئك المسيئين في غضون قوله تعالى: * (ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع) *، أي إساءة المسيئين * (بالتى هى أحسن) *، فيصبحوا أولياء لك وبين أن هذه المنزلة * (وما يلقاها إلا الذين صبروا) *، ثم بين أن من ارتفع إليها وسلك مسلكها * (إنه لذو حظ عظيم) *.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»