قوله تعالى: * (ولا يظلم ربك أحدا) *.
وقيل: من الحكمة، أي في الصنع والإتقان والخلق، فيكون اللفظ مشتركا، ولا يبعد أن يكون من المعنيين معا، وإن كان هو في الحكم أظهر، لأن الحكيم من الحكمة يجمع على الحكماء.
فعلى القول بالأمرين: يكون من استعمال المشترك في معنييه معا، وهو هنا لا تعارض بل هما متلازمان، لأن الحكيم لا بد أن يعدل، والعادل لا بد أن يكون حكيما يضع الأمور في مواضعها.
وقد بين تعالى هذا المعنى في عدة مواطن كقوله تعالى: * (أم نجعل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الا رض أم نجعل المتقين كالفجار) *، الجواب: لا، وكقوله: * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم سآء ما يحكمون) *، وفي قوله * (سآء ما يحكمون) * بيان لعدم عدالتهم في الحكم، وبعده عن الحكمة.
ومعلوم أن عدم التسوية بينهم في مماتهم أنه بالبعث والجزاء، فهو سبحانه أحكم الحاكمين في صنعه وخلقه. خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأعدل الحكام في حكمه لم يسو بين المحسن والمسيء.
وقد اتفق المفسرون على رواية الترمذي لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: (من قرأ والتين والزيتون، فقرأ أليس الله بأحكم الحاكمين، فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين).
ومثله عن جابر مرفوعا، وعن ابن عباس قوله: (سبحانك اللهم، فبلى). والعلم عند الله تعالى.