أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ١٥
تعالى لخلقه، وهي الصفة التي يسلمون بها * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والا رض ليقولن الله) *.
* (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) *.
ولأن كل مخلوق لا بد له من خالق * (أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون) *، وقد أطلق صفة الخلق عن ذكر مخلوق ليعم ويشمل الوجود كله، خالق كل شيء في قوله: * (ذالكم الله ربكم لا إلاه إلا هو خالق كل شىء) *.
* (الله خالق كل شىء وهو على كل شىء وكيل) *.
* (هو الله الخالق البارىء المصور) *.
وتلك المسائل الثلاث: هي الأصول في الرسالة وما بعدها دلالة عليها، فالأمر بالقراءة تكليف لتحمل الوحي، وباسم ربك بيان لجهة التكليف، والذي خلق تدليل لتلك الجهة، أي الرسالة والرسول والمرسل مع الدليل المجمل. ولا شك أن المرسل إليهم لم يؤمنوا ولا بواحدة منها، فكان لا بد من إقامة الأدلة على ثبوتها بالتفصيل.
ولما كانت جهة المرسل هي الأساس وهي المصدر، كان التدليل عليها أولا، فجاء التفصيل في شأنها بما يسلمون به ويسلمونه في أنفسهم، وهي المسألة الرابعة.
والخامسة: خلق الإنسان من علق، وهذا تفصيل بعد إجمال ببيان للبعض من الكل فالإنسان بعض مما خلق، وذكره من ذكر العام بعد الخاص أولا، ومن إلزامهم بما يسلمون به ثم لانتقالهم مما يعلمون، ويقرون به إلى مالا يعلمون وينكرون.
وفي ذكر الإنسان بعد عموم الخلق تكريم له، كذكر الروح بعد عموم الملائكة، تنزل الملائكة والروح فيها ونحوه، والإنسان هنا الجنس بدليل الجمع في علق جمع علقة، ولأنه أوضح دلالة عنده، ليستدل بنفسه من نفسه كما سيأتي.
وقوله: * (من علق) *، وهو جمع علقة، وهي القطعة من الدم، كالعرق أو الخيط بيان على قدرته تعالى، وذلك لأنهم يشاهدون ذلك أحيانا فيما تلقى به الرحم، ويعلمون أنه مبدأ خلقة الإنسان.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»