فعليه يكون الخسران في الدين من حيث الإيمان بسبب الكفر، وفي الإسلام وهو ترك العمل، وإن كان يشمله الإيمان في الاصطلاح والتلهي في الباطل وترك الحق، وفي الهلع والفزع.
ومن ثم ترك الأمر والنهي بما فيه مصلحة العبد وفلاحه وصلاح دينه ودنياه، وكل ذلك جاء في القرآن ما يدل عليه نجمله في الآتي:
أما الخسران بالكفر. فكما في قوله تعالى. * (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) *.
وقوله: * (قد خسر الذين كذبوا بلقآء الله) *، أي لأنهم لم يعملوا لهذا اللقاء، وقصروا أمرهم في الحياة الدنيا فضيعوا أنفسهم، وحظهم في الآخرة.
وأما الخسران بترك العمل، فكما في قوله تعالى: * (ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم) *، لأن الموازين هي معايير الأعمال كما تقدم * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) *.
ومثله: * (ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا) *، لأنه سيكون من حزب الشيطان * (ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) *، أي بطاعتهم إياه في معصية الله.
وأما الخسران بترك التواصي بالحق فليس بعد الحق إلا الضلال، والحق هو الإسلام بكامله، وقد قال تعالى: * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الا خرة من الخاسرين) *.
وأما الخسران بترك التواصي بالصبر والوقوع في الهلع والفزع، فكما قال تعالى: * (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والا خرة ذالك هو الخسران المبين) *.
تحقيق المناط في حقيقة خسران الإنسان اتفقوا على أن رأس مال الإنسان في حياته هو عمره. كلف بإعماله في فترة وجوده في الدنيا، فهي له كالسوق. فإن أعمله في خير ربح، وإن أعمله في شر خسر.