أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ١٨٨
العالمين، واعتقدت مجيء يوم الدين، وعرفت طريق المهتدين ورأيت أقسام الناس الثلاث مؤمنين وكافرين ومنافقين، ونهاية كل منهم، فالزم هذا الكتاب، وسر على هذا الصراط ورافق أهل الإنعام، وجانب المغضوب عليهم والضالين، وأحذر من مسلك المنافقين المتشككين، وحاذر كل الحذر من موجب ذلك كله، وهو الوسواس الخناس، أن يشككك في متعلقات الإيمان، أو في استواء طريقك واستقامته أو في عصمة كتابك وكماله، وكن على يقين مما أنت عليه، ولا تنس خطره على أبويك من قبل، إذ هما في الجنة دار السلام ولم يسلما منه، ودلاهما بغرور فحاذر منه ولذ بي كلما ألم بك أو مسك طائف منه، وكن كسلفك الصالح إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون.
وقد علمت عداوته لك من بعد، وعداوته ناشئة عن الحسد.
ولكأن ارتباط السورتين ليشير إلى منشأ تلك العداوة وارتباطها بها التحذير، إذ في الأولى: ومن شر حاسد إذا حسد، فحسد الشيطان آدم على إكرام الله إياه كما أسلفنا.
والعدو الحاسد لا يرضيه إلا زوال النعمة عن المحسود، ولئن كانت توبة آدم هي سبيل نجاته، كما في قوله تعالى: * (فتلقىءادم من ربه كلمات فتاب عليه) *.
فنجاتك أيضا في كلمات تستعيذ بها من عدوك: برب الناس ملك الناس إله الناس، لأن الرب هو الذي يرحم عباده، وملك الناس هو الذي يحميهم ويحفظهم ويحرسهم. وإله الناس الذي يتألهون إليه ويتضرعون ويلوذون به سبحانه.
تنبيه إذا كان هذا كله خطر الوسواس الخناس من الجنة والناس، وهما عدو مشترك ومتربص حاقد حاسد، فما طريق النجاة منه؟
الذي يظهر، والله تعالى أعلم: أن طريق النجاة تعتمد على أمرين:
الأول: يؤخذ من عمومات الكتاب والسنة.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 » »»