أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٧٣
الوسق بمقدار معين من مكيل الحب، وهو ستون صاعا. وقيل: فيه معان أخرى، ولكن هذا أرجحها.
والمعنى هنا: والليل وما جمعه من المخلوقات. قيل: كأنه أقسم بكل شيء كقوله تعالى: * (فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون) *.
وقوله: * (والقمر إذا اتسق) *، أي اتسع أي تكامل نوره، وهو افتعل من وسق، والقاعدة الصرفية أن فاء الفعل المثالي، أي الذي فاؤه واو، إذا بنى على افتعل تقلب الواو تاء وتدغم التاء في التاء، كل في: وصلته فاتصل ووزنته فاتزن، أو تصل أو تزن، وهكذا هنا أو تسق.
وقوله: * (لتركبن طبقا عن طبق) *.
قال ابن جرير: اختلف القراء في قراءته، فقرأه عمر بن الخطاب وابن مسعود وأصحابه وابن عباس وعامة قراء مكة والكوفة لتركبن بفتح التاء والباء، واختلف قارؤوا ذلك في معناه، فقال بعضهم: يعني يا محمد، ويعني حالات الترقي والعلو والشدائد مع القوم، وهذا المعنى عن مجاهد وابن عباس.
وقيل: طبقا عن طبق: يعني سماء بعد سماء، أي طباق السماء، وهو عن الحسن وأبي العالية ومسروق.
وعن ابن مسعود: أنها السماء تتغير أحوالها تتشقق بالغمام، ثم تحمر كالمهل، إلى غير ذلك. وقد رجح القراءة الأولى والمعنى الأول.
وقرأ عامة قراء المدينة وبعض الكوفيين: لتركبن بالتاء وبضم الباء على وجه الخطاب للناس كافة.
وذكر المفسرون لمعناه حالا بعد حال معان عديدة طفولة وشبابا وشيخوخه، فقرا وغنى، وقوة وضعفا، حياة وموتا وبعثا، رخاء وشدة، إلى كل ما تحتمله الكلمة.
وقال القرطبي: الكل محتمل، وكله مراد، والذي يظهر والله تعالى أعلم: أن ذلك إنما هو بعامة الناس ويكون يوم القيامة، إذ السياق في أصول البعث، إذا السماء انشقت، وإذا الأرض مدت، فأما من أوتي كتابه بيمينه وذكر الحساب المنقلب، ثم التعبير بالمستقبل لتركبن، ولو كان لأمر الدنيا من تغير الأحوال لكان
(٤٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 ... » »»