الأوصاف، وإلا فلا تكون الخلطة مؤثرة، ولكل في مذهبه خلاف في تلك الأوصاف لا نطيل الكلام بتتبعه، وإنما يهمنا بيان الراجح فيما فيه الخلاف في أصل المسألة، وقد ظهر أن الراجح هو الآتي:
أولا: صحة تأثير الخلطة.
ثانيا: اشتراط الأوصاف التي تتحقق بها الخلطة عرفا.
ملحوظة لقد عرفنا أنصباء بهيمة الأنعام جملة وتفصيلا، وبقي علينا الإجابة عن سؤال طال ما جال تفكر كل دارس فيه، وهو ما يقوله جميع الفقهاء: إن المقادير توقيفية، ومنها أنصباء الزكاة. ومعنى توقيفية: أنه لا اجتهاد فيها، ولكن هل هي جاءت لغوية، أو أن بين هذه الأنصباء ارتباط ونسبة مطردة.
الواقع: أنه، وإن كان الواجب على كل مسلم والذي عليه المسلمون قديما وحديثا هو الامتثال والطاعة، إلا أننا لما كنا في عصر مادي والنظام الاقتصادي هو الأصل في سياسة العالم اليوم، فإن البعض قد يتطلع إلى الإجابة عن هذا السؤال.
وقد حاولت الإجابة عليه بعمل مقارنة عامة توجد بها نسبة مطردة كالآتي:
أولا: في النقدين معلوم أن نصاب الذهب عشرون مثقالا، والفضة مائتا درهم وفي كل منهما ربع العشر، وكان صرف الدينار عشرة دراهم، فيكون نصاب الذهب من ضرب عشرين في عشرة فيساوي مائتين، فهي نسبة مطردة كما ترى.
وإذا جئنا للنسبة بين الذهب والفضة وهي أصل الأثمان، وبين الغنم نجد الآتي:
أولا: في حديث عروة البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليتشري لهم شاة فذهب وأتاهم بشاة ودينار، فقال له صلى الله عليه وسلم (ماذا فعلت؟) فقال اشتريت شاتين بالدينار، ثم لقيني رجل فقال: أتبيعني شاة فبعته شاة بدينار، فقال له صلى الله عليه وسلم: (بارك الله لك في صفقة يمينك).
معنى هذا أن الدينار قيمته الشرائية تعادل شاتين، من ضرب عشرين دينارا في اثنتين فيساوي أربعين شاة، وهذا هو نصاب الغنم، وفي الأربعين شاة شاة، وقيمتها الشرائية نصف الدينار، وهي خمسة دراهم وهي ما يؤخذ في العشرين مثقالا فاطردت النسبة أيضا