وهو مقر أن قائله يخطئ ويصيب، وأن مخالفه في ذلك ربما كان المصيب، فيما خالفه فيه.
فإن أجاز الفتوى لمن جهل الأصل والمعنى لحفظه الفروع، لزمه أن يجيزه للعامة.
وكفى بهذا جهلا، وردا للقرآن قال الله تعالى: * (ولا تقف ما ليس لك به علم) *. وقال: * (أتقولون على الله ما لا تعلمون) *.
وقد أجمع العلماء على أن ما لم يتبين ويتيقن فليس بعلم، وإنما هو ظن، والظن لا يغني من الحق شيئا اه. كله من جامع ابن عبد البر رحمه الله.
واعلم أن حاصل جميع حجج المقلدين منحصر في قولهم: نحن معاشر المقلدين ممتثلون قول الله تعالى: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *.
فأمر سبحانه من لا علم له أن يسأل من هو أعلم منه، وهذا نص قولنا.
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم من لا يعلم إلى سؤال من يعلم، فقال في حديث صاحب الشجة: (ألا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاء العيي السؤال).
وقال أبو العسيف: الذي زنى بامرأة مستأجرة:
(وإني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم فلم ينكر عليه تقليد من هو أعلم منه):
وهذا عالم الأرض عمر قد قلد أبا بكر.
فروى شعبة عن عاصم الأحول، عن الشعبي أن أبا بكر قال في الكلالة: أقضي فيها فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله منه بريء: هو ما دون الولد والوالد، فقال عمر بن الخطاب إنني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر.
وصح عنه أنه قال له:
رأينا لرأيك تبع، وصح عن ابن مسعود أنه كان يأخذ بقول عمر.
وقال الشعبي عن مسروق: كان ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتون الناس ابن مسعود وعمر بن الخطاب وعلي وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وأبو موسى.
وكان ثلاثة منهم يدعون قولهم لقول ثلاثة.