أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٦٢
تنبيه مهم يجب على كل مسلم، يخاف العرض على ربه، يوم القيامة، أن يتأمل فيه ليرى لنفسه المخرج من هذه الورطة العظمى، والطاعة الكبرى، التي عمت جل بلاد المسلمين من المعمورة.
وهي ادعاء الاستغناء عن كتاب الله وسنة رسوله، استغناء تاما، في جميع الأحكام من عبادات ومعاملات، وحدود وغير ذلك، بالمذاهب المدونة.
وبناء هذا على مقدمتين:
إحداهما: أن العمل بالكتاب والسنة لا يجوز إلا للمجتهدين.
والثانية: أن المجتهدين معدومون عدما كليا، لا وجود لأحد منهم، في الدنيا، وأنه بناء على هاتين المقدمتين، يمنع العمل بكتاب الله وسنة رسوله منعا باتا على جميع أهل الأرض، ويستغنى عنهما بالمذاهب المدونة.
وزاد كثير منهم على هذا منع تقليد غير المذاهب الأربعة، وأن ذلك يلزم استمراره إلى آخر الزمان.
فتأمل يا أخي رحمك الله: كيف يسوغ لمسلم، أن يقول بمنع الاهتداء بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعدم وجوب تعلمهما والعمل بهما، استغناء عنهما بكلام رجال، غير معصومين ولا خلاف في أنهم يخطئون.
فإن كان قصدهم أن الكتاب والسنة، لا حاجة إلى تعلمهما، وأنهما يغني غيرهما، فهذا بهتان عظيم، ومنكر من القول وزور.
وإن كان قصدهم أن تعلمهما صعب لا يقدر عليه، فهو أيضا زعم باطل، لأن تعلم الكتاب والسنة، أيسر من تعلم مسائل الآراء والاجتهاد المنتشرة، مع كونها في غاية التعقيد،
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»