لذلك الحكم لكان الكلام معيبا عند العارفين، وعرف صاحب (مراقي السعود)، دلالة الإيماء والتنبيه في مبحث دلالة الاقتضاء والإشارة والإيماء والتنبيه، بقوله:، وإن كان أصل اللفظ خاصا بهن؛ لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه، ومسلك العلة الذي دل على أن قوله تعالى: * (ذالكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) *، هو علة قوله تعالى: * (يأيها الذين ءامنوا لا) *، هو المسلك المعروف في الأصول بمسلك الإيماء والتنبيه، وضابط هذا المسلك المنطبق على جزئياته، هو أن يقترن وصف بحكم شرعي على وجه لو لم يكن فيه ذلك الوصف علة لذلك الحكم لكان الكلام معيبا عند العارفين، وعرف صاحب (مراقي السعود)، دلالة الإيماء والتنبيه في مبحث دلالة الاقتضاء والإشارة والإيماء والتنبيه، بقوله:
* دلالة الإيماء والتنبيه * في الفن تقصد لدى ذويه * * أن يقرن الوصف بحكم إن يكن * لغير علة يعبه من فطن * وعرف أيضا الإيماء والتنبيه في مسالك العلة، بقوله: وعرف أيضا الإيماء والتنبيه في مسالك العلة، بقوله:
* والثالث الإيما اقتران الوصف * بالحكم ملفوظين دون خلف * * وذلك الوصف أو النظير * قرانه لغيرها يضير * فقوله تعالى: * (ذالكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) *، لو لم يكن علة لقوله تعالى: * (يأيها الذين ءامنوا لا) *، لكان الكلام معيبا غير منتظم عند الفطن العارف.
وإذا علمت أن قوله تعالى: * (ذالكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) *، هو علة قوله: * (يأيها الذين ءامنوا لا) *، وعلمت أن حكم العلة عام.
فاعلم أن العلة قد تعمم معلولها، وقد تخصصه كما ذكرنا في بيت (مراقي السعود)، وبه تعلم أن حكم آية الحجاب عام لعموم علته، وإذا كان حكم هذه الآية عاما، بدلالة القرينة القرءانية.
فاعلم أن الحجاب واجب، بدلالة القرءان على جميع النساء.
واعلم أنا في هذا المبحث نريد أن نذكر الأدلة القرءانية على وجوب الحجاب على العموم، ثم الأدلة من السنة، ثم نناقش أدلة الطرفين، ونذكر الجواب عن أدلة من قالوا بعدم وجوب الحجاب، على غير أزواجه صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا آنفا أن قوله: * (ذالكم أطهر لقلوبكم) *، قرينة على عموم حكم آية الحجاب.
ومن الأدلة القرءانية على احتجاب المرأة وسترها جميع بدنها حتى وجهها، قوله تعالى: * (يأيها النبى قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) *، فقد قال غير واحد من أهل العلم: إن معنى: * (يدنين عليهن من جلابيبهن) *: أنهن يسترن بها جميع وجوههن، ولا يظهر منهن شئ إلا عين واحدة تبصر بها، وممن قال به: ابن مسعود، وابن عباس، وعبيدة السلماني وغيرهم.