حجه يفسد بذلك، ولا خلاف بينهم أنه لا يفسد الحج من محظورات الإحرام، إلا الجماع خاصة، وإذا فسد حجة بجماعه قبل الوقوف بعرفات: فعليه إتمام حجه هذا الذي أفسده عليه قضاء الحج، وعليه الهدي، وهو عند مالك، والشافعي، وأحمد، وجماعات من الصحابة بدنة، وقال أبو حنيفة: عليه شاة، وقال داود: هو مخير بين بدنة وبقرة وشاة، فإن كان جماعه بعد الوقوف بعرفات، وقبل رمي جمرة العقبة، وطواف الإفاضة فحجه فاسد عند مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: حجه صحيح، وعليه أن يهدي بدنة متمسكا بظاهر حديث (الحج عرفة) وإن كان جماعه بعد رمي جمرة العقبة، وقبل طواف الإفاضة: فحجه صحيح عند الجميع، وعند الشافعي: تلزمه فدية، وعند أبي حنيفة: إن جامع بعد الحلق: فعليه شاة، وإن جامع قبل الحلق، وبعد الوقوف: فعليه بدنة.
وعن أحمد روايتان: فيما يلزمه هل هو شاة، أو بدنة، ومذهب مالك: أن حجه صحيح، وعليه: هدي وعمرة، ووجهه عنده أن الجماع لما كان بعد التحلل الأول برمي جمرة العقبة، لم يفسد به الحج، ولكنه وقع فيه نقص بسبب الجماع قبل التحلل الثاني، فكان هذا النقص عنده يجبر بالعمرة والهدي.
وفي الموطأ قال مالك: في رجل وقع بامرأته في الحج ما بينه، وبين أن يدفع من عرفة، ويرمي الجمرة أنه يجب عليه الهدي وحج قابل، قال: فإن كانت إصابته أهله بعد رمي الجمرة، فإنما عليه أن يعتمر ويهدي، وليس عليه حج قابل ا ه.
ونقل الباجي عن مالك: أن محل فساد الحج بالجماع قبل الرمي والإفاضة وبعد الوقوف بعرفة، فيما إذا كان الوطء واقعا يوم النحر، أما إن أخر رمي جمرة العقبة، وطواف الإفاضة معا عن يوم النحر، وجامع قبلهما: فلا يفسد حجه: وعليه عمرة وهديان: هدي لوطئه، وهدي لتأخير رمي الجمرة انتهى منه بواسطة نقل المواق في شرحه لمختصر خليل في الكلام على قوله: والجماع ومقدماته، وأفسد مطلقا كاستدعاء منى، وإن ينظر قبل الوقوف مطلقا، إن وقع قبل إفاضة وعقبه يوم النحر أو قبله وإلا فهدي ا ه.
فتحصل: أن الجماع قبل الوقوف بعرفات مفسد للحج، عند الأئمة الأربعة وبعد التحلل الأول، وقبل الثاني: لا يفسد الحج عند الأربعة.
وقد عرفت مما قدمنا ما يقع به التحلل عند كل واحد منهم، وإن وقع بعد الوقوف