فإن قيل: يرجح حديثهم إذا بالكثرة.
فالجواب: أنهم وإن كثروا فميمونة، وأبو رافع أعلم منهم بالواقعة كما تقدم، والمرجحات يرجح بعضها على بعض، وضابط ذلك عند الأصوليين هو قوة الظن، ومعلوم أن ما أخبرت به ميمونة رضي الله عنها عن نفسها، وأخبر به الرسول بينها، وبين زوجها صلى الله عليه وسلم الذي هو أبو رافع أقوى في ظن الصدق مما أخبر به غيرهما، وأشار في مراقي السعود إلى ما ذكرنا بقوله: الذي هو أبو رافع أقوى في ظن الصدق مما أخبر به غيرهما، وأشار في مراقي السعود إلى ما ذكرنا بقوله:
* قطب رحاها قوة المظنة * فهي لدى تعارض مئنه * ومن أقوى الأدلة الدالة على أن حديث ابن عباس، لا تنهض به الحجة، على جواز عقد النكاح في حال الإحرام هو: أنا لو سلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة، وهو محرم، لم تكن في ذلك حجة على جواز ذلك بالنسبة إلى أمته صلى الله عليه وسلم، لأنه ثبت عنه في صحيح مسلم وغيره من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، ما يدل على منع النكاح في حال الإحرام وهو عام لجميع الأمة. والأظهر دخوله هو صلى الله عليه وسلم في ذلك العموم، فإذا فعل فعلا يخالف ذلك العموم المنصوص عليه بالقول، دل على أن ذلك الفعل خاص به صلى الله عليه وسلم لتحتم تخصيص ذلك العموم القولي بذلك الفعل. فيكون خاصا به صلى الله عليه وسلم.
وقد تقرر في الأصول: أن النص القولي العام الذي يشمل النبي بظاهر عمومه لا بنص صريح، إذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فعلا يخالفه كان ذلك الفعل مخصصا لذلك العموم القولي، فيكون ذلك الفعل خاصا به صلى الله عليه وسلم. وقد أشار صاحب مراقي السعود إلى ذلك في كتاب السنة بقوله:. وقد أشار صاحب مراقي السعود إلى ذلك في كتاب السنة بقوله:
* في حقه القول بفعل خصا * إن يك فيه القول ليس نصا * فإن قيل: لا حجة في حديث عثمان المذكور في صحيح مسلم، على منع عقد النكاح في حال الإحرام، لأن المراد بالنكاح فيه وطء الزوجة، وهو حرام في حال الإحرام إجماعا، وليس المراد به العقد.
فالجواب من أوجه:
الأول: أن في نفس الحديث قرينتين دالتين على أن المراد به عقد النكاح، لا الوطء. الأولى: أنه صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المذكور (لا ينكح المحرم ولا ينكح) فقوله: (ولا ينكح) بضم الياء، دليل على أن المراد: لا يزوج، ولا يمكن أن يكون المراد بذلك