أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ١٨٩
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن معلى بن عبد الرحمان الواسطي. ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها) انتهى. قال البزار، ومعلى بن عبد الرحمان الواسطي: روى عن عبد الحميد أحاديث، لم يتابع عليها، ولا نعلم أحدا تابعه على هذا الحديث. انتهى، ورواه ابن عدي في الكامل، وقال: أرجو أنه لا بأس به، قال عبد الحق: وضعفه أبو حاتم وقال: إنه متروك الحديث انتهى. وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء: يروي عن عبد الحميد بن جعفر المقلوبات، لا يجوز الاحتجاج به، إذا تفرد حديث آخر رواه البزار في مسنده أيضا: حدثنا عبد الله بن يوسف الثقفي، ثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة، ثنا أبي، عن وهب بن عمير قال: سمعت عثمان يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها) انتهى قال البزار: ووهب بن عمير لا نعلمه روى غير هذا الحديث، ولا نعلم روى عنه إلا عطاء بن أبي ميمونة، وروح ليس بالقوي. انتهى كلام الزيلعي في نصب الراية.
وهذه الروايات التي ذكرنا في نهي المرأة عن حلق رأسها، عن علي، وعثمان، وعائشة: يعضد بعضها بعضا كما تعتضد بما تقدم، وبما سيأتي إن شاء الله، وأما كون حلق المرأة رأسها ليس من عمل نساء الصحابة، فمن بعدهم، فهو أمر معروف، لا يكاد يخالف فيه إلا مكابر، فالقائل: بجواز الحلق للمرأة قائل بما ليس من عمل المسلمين المعروف، وفي الحديث الصحيح: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) فالحديث يشمل عمومه الحلق بالنسبة للمحرمة بلا شك، وإذا لم يبح لها حلقه في حال النسك، فغيره من الأحوال أولى، وأما كون حلق المرأة رأسها تشبها بالرجال، فهو واضح، ولا شك أن الحالقة رأسها متشبهة بالرجال، لأن الحلق من صفاتهم الخاصة بهم دون الإناث عادة. وقد قدمنا الحديث الصحيح في لعن المتشبهات من النساء بالرجال في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى * (إن هاذا القرءان يهدى للتى هى أقوم) * وأما كون حلق رأس المرأة مثلة، فواضح، لأن شعر رأسها من أحسن أنواع جمالها وحلقه تقبيح لها وتشويه لخلقتها، كما يدركه الحس السليم، وعامة الذين يذكرون محاسن النساء في أشعارهم، وكلامهم مطبقون على أن شعر المرأة الأسود من أحسن زينتها لا نزاع في ذلك بينهم في جميع طبقاتهم وهو في أشعارهم مستفيض استفاضة يعلمها كل من له أدنى إلمام، وسنذكر هنا منه أمثلة قليلة تنبيها بها على غيرها قال امرؤ القيس في معلقته: فواضح، لأن شعر رأسها من أحسن أنواع جمالها وحلقه تقبيح لها وتشويه لخلقتها، كما يدركه الحس السليم، وعامة الذين يذكرون محاسن النساء في أشعارهم، وكلامهم مطبقون على أن شعر المرأة الأسود من أحسن زينتها لا نزاع في ذلك بينهم في جميع طبقاتهم وهو في أشعارهم مستفيض استفاضة يعلمها كل من له أدنى إلمام، وسنذكر هنا منه أمثلة قليلة تنبيها بها على غيرها قال امرؤ القيس في معلقته:
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»