وقال النووي في شرح مسلم: واختلف العلماء في وجوب الأضحية، على الموسر؟ فقال جمهورهم: هي سنة في حقه إن تركها بلا عذر، لم يأثم، ولم يلزمه القضاء ، وممن قال بهذا: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب إلى آخر كلامه قريبا مما ذكرنا عنه في شرح المهذب.
وقال ابن قدامة في المغني: أكثر أهل العلم على أنها سنة مؤكدة غير واجبة: روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وبلال، وأبي مسعود البدري رضي الله عنهم. وبه قال سويد بن غفلة وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، وعطاء، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر. وقال ربيعة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والليث، وأبو حنيفة: هي واجبة ونقل ابن قدامة في المغني عن مالك وجوب الأضحية خلاف مذهبه، ومذهبه هو ما نقل عنه النووي: من أنها سنة، ولكنها عنده لا تسن على خصوص الحاج بمنى، لأن ما يذبحه هدي لا أضحية. وقد قدمنا أن آية الحج لا تخلو من دلالة على ما ذهب إليه مالك، كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى.
فإذا رأيت أقوال أهل العلم في حكم الأضحية، فهذه أدلة أقوالهم ومناقشتها، وما يظهر رجحانه بالدليل منها، على سبيل الاختصار.
أما من قال: إنها واجبة فقد استدل بأدلة منها أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعلها والله يقول: * (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة) *.
وقد قدمنا قول من قال من أهل الأصول إن فعله صلى الله عليه وسلم الذي لم تعلم جهته من وجوب أو غيره يحمل على الوجوب. وأوضحنا أدلة ذلك. وذكرنا أن صاحب مراقي السعود ذكره بقوله في كتاب السنة في مبحث أفعال النبي صلى الله عليه وسلم::
* وكل ما الصفة فيه تجهل * فللوجوب في الأصح يجعل * وذكرنا مناقشة الأقوال فيه في الحج، وغيره من سور القرآن.
ومن أدلتهم على وجوب الأضحية ما رواه البخاري في صحيحه: حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا الأسود بن قيس: سمعت جندب بن سفيان البجلي قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال: (من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح) اه. قالوا قوله: فليعد وقوله: فليذبح كلاهما صيغة أمر.
وقد قدمنا أن الصحيح عند أهل الأصول أن الأمر المتجرد عن القرائن، يدل على