أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٨٣
غضبان أسفا قال بئسما خلفتمونى من بعدى أعجلتم أمر ربكم) *، وبين بعض ما فعل بقوله في (الأعراف): * (وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه) *، وقد أشار إلى ذلك هنا في (طه) في قوله: * (قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتى ولا برأسى) *. قوله تعالى: * (ولاكنا حملنآ أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامرى فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هاذآ إلاهكم وإلاه موسى فنسى) *. قرأ هذا الحرف أبو عمرو وشعبة عن عاصم، وحمزة والكسائي * (حملنا) * بفتح الحاء والميم المخففة مبينا للفاعل مجردا. وقرأه نافع وابن كثير وابن عامر وحفص عن عاصم (حملنا) بضم الحاء وكسر الميم المشددة مبينا للمفعول. و (نا) على القراءة الأولى فاعل (حمل) وعلى الثانية نائب فاعل (حمل) بالتضعيف. والأوزار في قوله * (أوزارا) * قال بعض العلماء: معناها الأثقال. وقال بعض العلماء: معناها الآثام. ووجه القول الأول أنها أحمال من حلي القبط الذي استعاروه منهم. ووجه الثاني أنها آثام وتبعات. لأنهم كانوا معهم في حكم المستأمنين في دار الحرب، وليس للمستأمن أن يأخذ مال الحربي، ولأن الغنائم لم تكن تحل لهم. والتعليل الأخير أقوى.
وقوله: * (من زينة القوم) * المراد بالزينة الحلي، كما يوضحه قوله تعالى: * (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم) * أي ألقياناها وطرحناها في النار التي أوقدها السامري في الحفرة، وأمرنا أن نطرح الحلي فيها. وأظهر الأقوال عندي في ذلك: هو أنهم جعلوا جميع الحلي في النار ليذوب فيصير قطعة واحدة. لأن ذلك أسهل لحفظه حتى يرى نبي الله موسى فيه رأيه. والسامري يريد تدبير خطة لم يطلعوا عليها. وذلك أنه لما جاء جبريل ليذهب بموسى إلى الميقات وكان على فرس، أخذ السامري ترابا مسه حافر تلك الفرس، ويزعمون في القصة أنه عاين موضع أثرها ينبت فيه النبات، فتفرس أن الله جعل فيها خاصية الحياة، فأخذ تلك القبضة من التراب واحتفظ بها، فلما أرادوا أن يطرحوا الحلي في النار ليجعلوه قطعة واحدة أو لغير ذلك من الأسباب وجعلوه فيها، ألقى السامري عليه تلك القبضة من التراب المذكورة، وقال له: كن عجلا جسدا له خوار. فجعله الله عجلا جسدا له خوار. فقال لهم: هذا العجل هو إلهكم وإله موسى، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى عن موسى: * (قال فما خطبك ياسامري قال
(٨٣)
مفاتيح البحث: الحرب (2)، الغنيمة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»