أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٣٣
وإذن فهو من العطف بحسب المعنى.
وقد أنشد سيبويه للعطف على المعنى قول الشماخ أو ذي الرمة: الكامل:
* بادت وغير آيهن مع البلا * إلا رواكد جمرهن هباء * * ومشجج أما سواء قذاله * فبدا وغيب ساره المعزاء * لأن الرواية بنصب رواكد على الاستثناء ورفع مشجج عطفا عليه لأن المعنى لم يبق منها إلا رواكد ومشجج ومراده بالرواكد أثافي القدر وبالمشجج وتد الخباء وبه تعلم أن وجه الخفض في قراءة حمزة والكسائي هو المجاورة للمخفوض كما ذكرنا خلافا لمن قال في قراءة الجر: إن العطف على أكواب أي يطاف عليهم بأكواب وبحور عين ولمن قال: إنه معطوف على جنات النعيم أي هم في جنات النعيم وفي حور على تقدير حذف مضاف أي في معاشرة حور.
ولا يخفى ما في هذين الوجهين لأن الأول يرد بأن الحور العين لا يطاف بهن مع الشراب لقوله تعالى: * (حور مقصورات في الخيام) *.
والثاني فيه أن كونهم في جنات النعيم وفي حور ظاهر السقوط كما ترى وتقدير ما لا دليل عليه لا وجه له.
وأجيب عن الأول بجوابين الأول: أن العطف فيه بحسب المعنى لأن المعنى: يتنعمون بأكواب وفاكهة ولحم وحور. قاله الزجاج وغيره.
الجواب الثاني: أن الحور قسمان: 1: حور مقصورات في الخيام: وحور يطاف بهن عليهم قاله الفخر الرازي وغيره وهو تقسيم لا دليل عليه ولا يعرف من صفات الحور العين كونهن يطاف بهن كالشراب فأظهرها الخفض بالمجاورة كما ذكرنا.
وكلام الفراء وقطرب يدل عليه وما رد به القول بالعطف على أكواب من كون الحور لا يطاف بهن يرد به القول بالعطف على * (ولدان مخلدون) * في قراءة الرفع لأنه يقتضي أن الحور يطفن عليهم كالولدان والقصر في الخيام ينافي ذلك.
وممن جزم بأن خفض * (وأرجلكم) * لمجاورة المخفوض البيهقي في (السنن
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»