أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٢٢
بقوله: * (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون قوله تعالى) *. * (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل الآية لم يبين هنا ما هذه الحجة التي كانت تكون للناس عليه لو عذبهم دون إنذارهم على ألسنة الرسل ولكنه بينها في سورة طاه بقوله: * (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) * وأشار لها في سورة القصص بقوله: * (ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين) *. * (قوله تعالى يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق هذا الغلو الذي نهوا عنه هو وقول غير الحق هو قول بعضهم: إن عيسى ابن الله وقول بعضهم: هو الله وقول بعضهم: هو إلاه مع الله سبحانه وتعالى عن ذلك كله علوا كبيرا كما بينه قوله تعالى: * (وقالت النصارى المسيح ابن الله) * وقوله: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) * وقوله: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) * وأشار هنا إلى إبطال هذه المفتريات بقوله: * (إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم) * وقوله: * (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله) * وقوله: * (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام) * وقوله: * (قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا) *.
وقال بعض العلماء: يدخل في الغلو وغير الحق المنهي عنه في هذه الآية ما قالوا من البهتان على مريم أيضا واعتمده القرطبي وعليه فيكون الغلو المنهي عنه شاملا للتفريط والإفراط.
وقد قرر العلماء أن الحق واسطة بين التفريط والإفراط وهو معنى قول مطرف بن عبد الله: الحسنة بين سيئتين وبه تعلم أن من جانب التفريط والإفراط فقد اهتدى
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»