(بدا لي أني لست مدرك ما مضى * ولا سابق شيئا إذا كان جائيا * بجر سابق لتوهم دخول الباء على المعطوف عليه الذي هو خبر ليس وقول الآخر:
* مشائم ليسوا مصلحين عشيرة * ولا ناعب إلا ببين غرابها * واعلم أن حرف الجر لا يطرد حذفه إلا في المصدر المنسبك من أن بجر ناعب لتوهم الباء وأجاز سيبويه الوجهين. وصلتهما عند الجمهور خلافا لعلي بن سليمان الأخفش القائل بأنه مطرد في كل شئ عند أمن اللبس وعقده ابن مالك في الكافية بقوله: الرجز:
* وابن سليمان اطراده رأى * إن لم يخف لبس كمن زيد نأى * وإذا حذف حرف الجر مع غير أن وأن نقلا على مذهب الجمهور وقياسا عند أمن اللبس في قول الأخفش فالنصب متعين والناصب عند البصريين الفعل وعند الكوفيين نزع الخافض مقولة الوافر:
* تمرون الديار ولن تعوجوا * كلامكم علي إذن حرام * وبقاؤه مجرورا مع حذف الحرف شاذ كقول الفرزدق: الطويل:
* إذا قيل أي الناس شر قبيلة * أشارت كليب بالأكف الأصابع * أي: أشارت الأصابع بالأكف أي: مع الأكف إلى كليب.
وقوله تعالى: * (وأن تقوموا لليتامى بالقسط الآية) * القسط: العدل ولم يبين هنا هذا القسط الذي أمر به لليتامى ولكنه أشار له في مواضع أخر كقوله: * (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) * وقوله: * (قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح) * وقوله: * (فأما اليتيم فلا تقهر) * وقوله: * (وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى الآية) * ونحو ذلك من الآيات فكل ذلك فيه القيام بالقسط لليتامى. * (قوله تعالى وأحضرت الأنفس الشح الآية ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الأنفس أحضرت الشح أي: جعل شيئا حاضرا لها كأنه ملازم لها لا يفارقها؛ لأنها جبلت عليه.