فاستقرت * وقرأ زيد بن علي وجؤبة فيما روى عنه الكسائي وابن أبي عبلة في رواية أحي بإبدال واو وحي همزة كما قالوا في وعد أعد قال الزمخشري وهو من القلب المطلق جوازه في كل واو مضمومة وقد أطلقه المازني في المكسورة أيضا كأشاح وإعاء وإسادة وهذا أحد قولين للمازني والقول الآخر قصر ذلك على السماع وما ذكره من إطلاق الجواز في المضمومة تعقب بأن المضمومة قد تكون أولا وحشوا وآخرا ولكل منها أحكام وفي بعضها خلاف وتفصيل مذكور في كتب النحو فليراجع وزاد بعض الأجلة قلب الواو المضموم ما قبلها فقال إنه أيضا مقيس مطرد وأنه قد يرد ذلك في المفتوحة كأحد وعلى جميع القراآت الجار متعلق بما عنده ونائب الفاعل * (أنه) * الخ على أنه في تأويل المصدر والضمير للشأن * (استمع) * أي القرآن كما ذكر في الاحقاق وقد حذف لدلالة ما بعده عليه * (نفر من الجن) * النفر في المشهور ما بين الثلاثة والعشرة وقال الحريري في درته أن النفر إنما يقع على الثلاثة من الرجال إلى العشرة وقد وهم في ذلك فقد يطلق على ما فوق العشرة في الفصيح وقد ذكره غير واحد من أهل اللغة وفي كلام الشعبي حدثني بضعة عشر نفرا ولا يختص بالرجال بل ولا بالناس لإطلاقه على الجن هنا وفي المجمل الرهط والنفر يستعمل إلى الأربعين والفرق بينهما أن الرهط يرجعون إلى أب واحد بخلاف النفر وقد يطلق على القوم ومنه قوله تعالى وأعز نفرا وقول امرىء القيس: فهو لا تنمى رميته * ماله لا عد من نفره وقال الإمام الكرماني للنفر معنى آخر في العرف وهو الرجل وأراد بالعرف عرف اللغة لأنه فسر به الحديث الصحيح فليحفظ والجن واحده جنى كروم ورومي وهم أجسام عاقلة تغلب عليها النارية كما يشهد له قوله تعالى: وخلق الجان من مارج من نار وقيل الهوائية قابلة جميعها أو صنف منها للتشكل بالأشكال المختلفة من شأنها الخفاء وقد ترى بصور غير صورها الأصلية بل وبصورها الأصلية التي خلقت عليها كالملائكة عليهم السلام وهذا للأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم ومن شاء الله تعالى من خواص عباده عز وجل ولها قوة على الأعمال الشاقة ولا مانع عقلا من أن تكون بعض الأجسام اللطيفة النارية مخالفة لسائر أنواع الجسم اللطيف في الماهية ولها قبول لإفاضة الحياة والقدرة على أفعال عجيبة مثلا وقد قال أهل الحكمة الجديدة بأجسام لطيفة أثبتوا لها من الخواص ما يبهر العقول فلتكن أجسام الجن على ذلك النحو من الأجسام وعالم الطبيعة أوسع من أن تحيط بحصر ما أودع فيه الأفهام وأكثر الفلاسفة على إنكار الجن وفي رسالة الحدود لابن سينا الجني حيوان هوائي متشكل بأشكال مختلفة وهذا شرح الاسم وظاهره نفى أن يكون لهذه الحقيقة وجود في الخارج ونفى ذلك كفر صريح كما لا يخفى واعترف جمع عظيم من قدماء الفلاسفة وأصحاب الروحانيات بوجودهم ويسمونهم بالأرواح السفلية والمشهور أنهم زعموا أنها جواهر قائمة بأنفسها ليست أجساما ولا جسمانية وهي أنواع مختلفة بالماهية كاختلاف ماهيات الأعراض فبعضها خيرة وبعضها شريرة ولا يعرف عدد أنواعها وأصنافها إلا الله عز وجل ولا يبعد على هذا أن يكون في أنواعها ما يقدر على أفعال شاقة عظيمة يعجز عنها البشر بل لا يبعد أيضا على ما قيل أن يكون لكل نوع مها تعلق بنوع مخصوص من أجسام هذا العالم ومن الناس من زعم أن الأرواح البشرية والنفوس الناطقة إذا فارقت أبدانها ازدادت قوة وكمالا بسبب ما في ذلك العالم الروحاني من انكشاف الأسرار الروحانية فإذا اتفق حدوث بدن آخر مشابه لما كان لتلك النفس المفارقة من البدن تعلقت تلك النفس به تعلقا ما وتصير كالمعاونة لنفس ذلك البدن في أفعالها وتدبيرها لذلك البدن فإن اتفقت هذه الحالة في النفوس الخيرة
(٨٢)