كان أبوهم ينيلهم منها وهو حال مقدرة.
* (فلما رأوها قالوا إنا لضآلون) * * (فلما رأوها) * أول ما وقع نظرهم عليها * (قالوا إنا لضالون) * طريق جنتنا وما هي بها قاله قتادة وقيل لضالون عن الصواب في غدونا على نية منع المساكين وليس بذاك.
* (بل نحن محرومون) * * (بل نحن محرومون) * قالوه بعدما تأملوا ووقفوا على حقيقة الأمر مضربين عن قولهم الأول أي لسنا ضالين بل نحن محرمون حرمنا خيرها بجنايتنا على أنفسنا.
* (قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون) * * (قال أو سطهم) * أي أحسنهم وأرجحهم عقلا ورأيا أو أوسطهم سنا * (ألم أقل لكم لولا تسبحون) * أي لو لا تذكرون الله تعالى وتتوبون إليه من خبث نيتكم وقد كان قال لهم حين عزموا على ذلك اذكروا الله تعالى وتوبوا إليه عن هذه النية الخبيثة من فوركم وسارعوا إلى حسم شرها قبل حلول النقمة فعصوه فعيرهم ويدل على هذا المعنى قوله تعالى:
* (قالوا سبحان ربنآ إنا كنا ظالمين) * * (قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين) * لأن التسبيح ذكر لله تعالى وانا كنا الخ ندامة واعتراف بالذنب فهو توبة والظاهر أنهم إنما تكلموا بما كان يدعوهم إلى التكلم به على أثر مقارفة الخطيئة ولكن بعد خراب البصرة وقيل المراد بالتسبيح الاستثناء لالتقائهما في معنى التعظيم لله عز وجل لأن الاستثناء تفويض إليه سبحانه والتسبيح تنزيه له تعالى وكل واحد من التفويض والتنزيه تعظيم فكأنه قيل ألم أقل لكم لولا تستثنون أي تقولون إن شاء الله تعالى وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى وابن المنذر عن ابن جريج وحكاه في البحر عن مجاهد وأبي صالح انهما قالا كان استثناؤهم في ذلك الزمان التسبيح كما نقول نحن إن شاء الله تعالى وجعله بعض الحنفية استثناء اليوم فعنده لو قال لزوجته أنت طالق سبحان الله لا تطلق ونسب إلى الإمام ابن الهمام وادعى أنه قاله في فتاويه ووجه بأن المراد بسبحان الله فيما ذكر أنزه الله عز وجل من أن يخلق البغيض إليه وهو الطلاق فإنه قد ورد أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق وأنكر بعض المتأخرين نسبته إلى ذلك الإمام المتقدم ونفى أن يكون له فتاوي واعترض التوجيه المذكور بما اعترض وهو لعمري أدنى من أن يعترض عليه وأنا أقول أولى منه قول النحاس في توجيه جعل التسبيح موضع الاستثناء ان المعنى تنزيه الله تعالى أن يكون شيء إلا بمشيئته وقد يقال لعل من قال ذلك بنى الأمر على صحة ما روي وان شرع من قبلنا شرع لنا إذا قصه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم علينا من غير نكير وهذا على علاته أحسن مما قيل في توجيهه كما لا يخفى وقيل المعنى لولا تستغفرون ووجه التجوز يعلم مما تقدم.
* (فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون) * * (فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون) * يلوم بعضهم بعضا فإن منهم على ما قيل من أشار بذلك ومنهم من استصوبه ومنهم من سكت راضيا به ومنهم من أنكره ولا يأبى ذلك إسناد الأفعال فيما سبق إلى جميعهم لما علم في غير موضع.
* (قالوا ياويلنآ إنا كنا طاغين) * * (قالوا يا ويلنا انا كنا طاغين) * متجاوزين حدود الله تعالى:
* (عسى ربنآ أن يبدلنا خيرا منهآ إنآ إلى ربنا راغبون) * * (عسى ربنا أن يبدلنا) * أي يعطينا بدلا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة * (خيرا منها) * أي من تلك الجنة * (إنا إلى ربنا) * لا إلى غيره سبحانه * (راغبون) * راجون العفو طالبون الخير وإلى لانتهاء الرغبة أو لتضمنها معنى الرجوع وعن مجاهد انهم تابوا فابدلوا خيرا منها وروي أنهم تعاقدوا وقالوا إن أبدلنا الله تعالى خير منها لنصنعن كما صنع أبونا فدعوا الله عز وجل وتضرعوا إليه سبحانه فابدلهم الله تعالى من ليلتهم ما هو خير منها وقال ابن مسعود بلغني أن القوم دعوا الله تعالى وأخلصوا وعلم الله تعالى منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل على البغل منها عنقود وقال أبو خالد اليماني ورأيت تلك الجنة وكل عنقود منها كالرجل الأسود القائم واستظهر أبو حيان أنهم كانوا مؤمنين أصابوا معصية وتابوا وحكى عن بعض أنهم كانوا من أهل الكتاب وعن التستري أن المعظم يقولون انهم تابوا وأخلصوا وتوقف الحسن في إيمانهم فقال لادري أكان قولهم إنا إلى ربنا راغبون إيمانا أو على حد ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشدة وسئل قتادة عنهم أهم من