ويكون هناك استعارة تبعية وجوز أن تعتبر الاستعارة تمثيلية وقال أبو حيان الذي في حفظي ان غدا يتعدى يعلى كما في قوله: وقد غدو على ثبة كرام * نشاوى واجدين لما نشاء وكذا بكر مرادفه كما في قوله: بكرت عليهم غدوة فرأيته * قعودا لديه بالصريم عواذله * (فانطلقوا وهم يتخافتون) * * (فانطلقوا وهم يتخافتون) * أي يتشاورون فيما بينهم بطريق المخافتة وخفي بفتح الفاء وخفت وخفد ثلاثتها في معنى الكتم ومنه الخفدود للخفاش والخفود للناقة التي تلقى ولدها قبل أن يستبين خلقه.
* (أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين) * * (أن لا يدخلنها اليوم) * أي الجنة * (عليكم مسكين) * ان مفسرة لما في التخافت من معنى القول أو مصدرية والتقدير بأن ويؤيد الأول قراءة عبد الله وابن أبي عبلة بإسقاطها وعليه قيل هو بتقدير القول وقيل العامل فيه يتخافتون لتضمنه معنى القول وهو المذهب الكوفي فيه وفي أمثاله وأيا ما كان فالمراد بنهي المسكين عن الدخول المبالغة في النهي عن تمكينه منه كقولهم لا أرينك ههنا.
* (وغدوا على حرد قادرين) * * (وغدوا على حرد) * أي منع كما قال أبو عبيد وغيره من قولهم حاردت الابل إذا قلت ألبانها وحاردت السنة قل مطرها وخيرها والجار متعلق بقوله تعالى: * ( قادرين) * قدم للحصر ورعاية الفواصل أي وغدوا قادرين على منع لا غير والمعنى أنهم عزموا على منع المساكين وطلبوا حرمانهم أو نكدهم وهم قادرون على نفعهم فغدوا بحال لا يقدرون فيها إلا على المنع والحرمان وذلك أنهم طلبوا حرمان المساكين فتعجلوا الحرمان أو غدوا على محاردة جنتهم وذهاب خيرها بدل كونهم قادرين على اصابة خيرها ومنافعها أي غدوا حاصلين على حرمان أنفسهم مكان كونهم قادرين على الانتفاع والحصر على الأول حقيقي وعلى هذا إضافي بالنسبة إلى انتفاعهم من جنتهم والحرمان عليه خاص بهم وجوز أن يكون على حرد متعلقا بغدوا والمراد بالحرد حرد الجنة جيء به مشاكلة للحرث كأنه لما قالوا اغدوا على حرثكم وقد خبثت نيتهم عاقبهم الله تعالى بأن حاردت جنتهم وحرموا خيرها فلم يغدوا على حرث وإنما غدوا على حرد وقادرين من عكس الكلام للتهكم أي قادرين على ما عزموا عليه من الصرام وحرمان المساكين وقيل الحرد الحرد بفتح الراء وقد قرىء به وهو بمعنى الغيظ والغضب كما قال أبو نصر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي وأنشد: إذا جياد الخيل جاءت تردى * مملوءة من غضب وحرد أي لم يقدروا إلا على إغضاب بعضهم لبعض كقوله تعالى فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون وروي هذا عن سفيان والسدى والحصر حقيقي ادعائي أو إضافي وقيل بمعنى القصد والسرعة وأنشد: أقبل سيل جاء من أمر الله * يحرد حرد الجنة المغلة أي غدوا قاصدين إلى جنتهم بسرعة قادرين عند أنفسهم على صرامها وروي هذا عن ابن عباس فعلى حرد ظرف مستقر حال من ضمير غدوا وقادرين حال أيضا إلا أنها حال مقدرة على ما قيل وقيل حال حقيقية بناء على القيد بعند أنفسهم وإنما قيد به لأن ثمار جنتهم هالكة فلا قدرة لهم على صرامها وقد فنيت وقال الأزهري حرد اسم قريتهم وفي رواية عن السدى اسم جنتهم ولا أظن ذلك مرادا وقيل الحرد الانفراد يقال حرد عن قومه إذا تنحى عنهم ونزل منفردا وكوكب حرود معتزل عن الكواكب والمعنى وغدوا إلى جنتهم منفردين عن المساكين ليس أحد منهم معهم قادرين على صرامها وهو من باب التهكم وقيل قادرين على هذا القول من التقدير بمعنى التضييق أي مضيقين على المساكين إذ حرموهم ما