تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٩ - الصفحة ١٣١
والقصة وقيل هو للساعة فيعود على غير مذكور وقرأ نصر بن عاصم وابن محيصن ووهب بن جرير عن ابن كثير لحدى الكبر بحذف همزة إحدى وهو حذف لا ينقاس وتخفيف مثل هذه الهمزة أن تجعل بين بين.
* (نذيرا للبشر) * * (نذيرا للبشر) * قيل تمييز لإحدى الكبر على أن نذيرا مصدر بمعنى إنذارا كالنكير بمعنى الإنكار أي أنها لإحدى الكبر إنذارا والمعنى على ما سمعت عن الزمخشري أنها لأعظم الدواهي إنذارا وهو كما تقول هي إحدى النساء عفافا وقال الفراء هو مصدر نصب بإضمار فعل أي أنذر إنذارا وذهب غير واحد إلى أنه اسم فاعل بمعنى منذرة فقال الزجاج حال من الضمير في أنها وفيه مجيء الحال من اسم أن وقيل حال من الضمير في لإحدى واختار أبو البقاء كونه حالا مما دلت عليه الجملة والتقدير عظمت أو كبرت نذيرا وهو على ما قال أبو حيان قول لا بأس به وجوزت هذه الأوجه على مصدريته أيضا بتأويله بالوصف وقال النحاس حذفت الهاء من نذيرا وإن كان للنار على معنى النسب يعني ذات إنذار وقد يقال في عدم إلحاق الهاء فيه غير ذلك مما قيل في عدم إلحاقها في قوله تعالى أن رحمة الله قريب من المحسنين وقال أبو رزين المراد بالنذير هنا هو الله تعالى فهو منصوب بإضمار فعل أي ادع نذيرا أو نحوه وقال ابن زيد المراد به النبي صلى الله عليه وسلم قيل فهو منصوب بإضمار فعل أيضا أي ناد أو بلغ أو أعلن وهو كما ترى ولو جعل عليه حالا من الضمير المستتر في الفعل لكان أولى وكذا لو جعل منادي والكلام نظير قولك أن الأمر كذا يا فلان وقيل إنه على هذا حال من ضمير قم أول السورة وفيه خرم النظم الجليل ولذا قيل هو من بدع التفاسير وقرأ أبي وابن أبي عبلة نذير بالرفع على أنه خبر بعد خبر لأن أو خبر لمبتدا محذوف أي هي نذير على ما هو المعول عليه من أنه وصف النار وأما على القول بأنه وصف الله تعالى أو الرسول عليه الصلاة والسلام فهو خبر لمحذوف لا غير أي هو نذير.
* (لمن شآء منكم أن يتقدم أو يتأخر) * * (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر) * الجار والمجرور بدل من الجار والمجرور فيما سبق أعني البشر وضمير شاء للموصول أي نذيرا للمتمكنين منكم من السبق إلى الحبر والتخلف عنه وقال السدي أن يتقدم إلى النار المتقدم ذكرها أو يتأخر عنها إلى الجنة وقال الزجاج أن يتقدم إلى المأمورات أو يتأخر عنها إلى الجنة وقال الزجاج أن يتقدم إلى المأمورات أو يتأخر عن المنهيات وفسر بعضهم التقدم بالايمان والتأخر بالكفر وقيل ضمير شاء لله تعالى أي نذيرا لمن شاء الله تعالى منكم تقدمه أو تأخره وجوز أن يكون لمن خبرا مقدما وأن يتقدم أو يتأخر مبتدأ كقولك لمن توضأ أن يصلي ومعناه مطلق لمن شاء التقدم أي السبق إلى الخير أو التأخر أي التخلف عنه أن يتقدم ويتأخر فيكون كقوله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ولا يخفى أن اللفظ يحتمله لكنه بعيد جدا.
* (كل نفس بما كسبت رهينة) * * (كل نفس بما كسبت رهينة) * مرهونة عند الله تعالى بكسبها والرهينة مصدر بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم لا صفة وإلا لقيل رهين لأن فعيلا بمعنى مفعول لا يدخله التاء ويستوي فيه المذكر والمؤنث ومنه قول عبد الرحمن بن زيد وقد قتل أبوه وعرض عليه سبع ديات فأبى أن يأخذها. أبعد الذي بالنعف نعف كويكب * رهينة رمس ذي تراب وجندل أذكر بالبقيا على من أصابني * وبقياي أني جاهد غير مؤتل واختير على رهين مع موازنته لليمين وعدم احتياجه للتأويل لأن المصدر هنا أبلغ فهو أنسب بالمقام فلا يلتفت للمناسبة اللفظية فيه وقيل الهاء في رهينة للمبالغة واختار أبو حيان أنها مما غلب عليه الاسمية كالنطيحة وإن كانت في الأصل فعيلا بمعنى مفعول وهو وجه أيضا وادعى أن التأنيث في البيت على معنى النفس.
* (إلا أصح‍اباليمين) * * (إلا أصحاب اليمين) * وهم المسلمون المخلصون كما قال الحسن وابن كيسان والضحاك ورواه ابن المنذر عن ابن عباس فإنهم فاكون رقابهم بما أحسنوا من أعمالهم كما يفك الراهن رهنه بإداء الدين
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»