تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٩ - الصفحة ١٣٥
بمعنى القرآن أو الذكر * (تذكرة) * وأي تذكرة.
* (فمن شآء ذكره) * * (فمن شاء) * أن يذكره * (ذكره) * وحاز بسببه سعادة الدارين والوقف على كلا على ما سمعت في الموضعين وعلى منشرة والآخرة إن جعلت كما في الحواشي بمعنى إلا.
* (وما يذكرون إلا أن يشآء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة) * * (وما يذكرون) * أي بمجرد مشيئتهم للذكر كما هو المفهوم من ظاهر قوله تعالى: * (فمن شاء ذكره) * إذ لا تأثير لمشيئة العبد وإرادته في أفعاله وهو قوله سبحانه: * (إلا أن يشاء الله) * استثناء مفرغ من أعم العلل أو من أعم الأحوال أي وما يذكرون بعلة من العلل أو في حال من الأحوال إلا بأن يشاء الله تعالى أو حال إن يشاء الله ذلك وهذا تصريح بأن أفعال العباد بمشيئة الله عز وجل بالذات أو بالواسطة ففيه رد على المعتزلة وحملهم المشيئة على مشيئة القسر والإلجاء خروج عن الظاهر من غير قسر والجاء وقرأ نافع وسلام ويعقوب تذكرون بتاء الخطاب التفاتا مع إسكان الذال وروي عن أبي حيوة يذكرون بياء الغيبة وشد الذال وعن أبي جعفر تذكرون بالتاء الفوقية وإدغامها في الذال * (هو أهل التقوى) * حقيق بأن يتقي عذابه ويؤمن به ويطاع فالتقوى مصدر المبني للمفعول * (وأهل المغفرة) * حقيق بأن يغفر جل وعلا لمن آمن به وأطاعه فالمغفرة مصدر المبني للفاعل وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والنسائي وابن ماجه وخلق آخرون عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية هو أهل التقوى وأهل المغفرة فقال قد قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها آخر فأنا أهل أن أغفر له وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن دينار عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس مرفوعا ما يقرب من ذلك وفي حديث أخرجه الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى إني لأجدني استحي من عبدي يرفع يديه إلي ثم يردهما من غير مغفرة قالت الملائكة الهنا ليس لذلك بأهل قال الله تعالى: لكني أهل التقوى وأهل المغفرة أشهدكم أني قد غفرت له وكأن الجملة لتحقيق الترهيب والترغيب اللذين أشعر بهما الكلام السابق كما لا يخفى على المتذكر وعن بعضهم أنه لما سمع قوله تعالى: هو أهل التقوى وأهل المغفرة قال: اللهم اجعلني من أهل التقوى وأهل المغفرة على أن أول الثاني كثاني الأول مبنيا للفاعل وثاني الثاني كأول الأول مبنيا للمفعول وإلا فلا يحسن الدعاء وأن تكلف لتصحيحه فافهم والله تعالى أعلم.
سورة القيامة ويقال لها سورة لا أقسم وهي مكية من غير حكاية خلاف ولا استثناء واختلف في عدد آيها ففي الكوفي أربعون وفي غيره تسع وثلاثون والخلاف في لتعجل به ولما قال سبحانه وتعالى في آخر المدثر كلا بل لا يخافون الآخرة بعد ذكر الجنة والنار وكان عدم خوفهم إياها لإنكارهم البعث ذكر جل وعلا في هذه السورة الدليل عليه بأتم وجه ووصف يوم القيامة وأهواله وأحواله ثم ذكر ما قبل ذلك من خروج الروح من البدن ثم ما قبل من مبدأ الخلق على عكس الترتيب الواقعي فقال عز من قائل عظيم:
* (لا أقسم بيوم القي‍امة) * * (لا أقسم بيوم القيامة) * إدخال لا النافية صورة على فعل القسم مستفيض في كلامهم وإشعارهم قال امرؤ القيس: لا وأبيك ابنة العامري * لا يدعي القوم أني أفر وقول غوية بن سلمى يرثي: ألا نادت أمامة باحتمال * لتحزنني فلا يك ما أبالي وملخص ما ذهب إليه جار الله في ذلك أن لا هذه إذا وقعت في خلال الكلام كقوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون فهي صلة
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»