يقولون: لا يصح منهما، وفي رواية عن أبي حنيفة صحته من الذمي، والرواية المعمول عليها عدم الصحة لأنها ليس من أهل الكفارة، وشنع على الشافعية في قولهم بصحته منه مع اشتراطهم النية في الكفارة والايمان في الرقبة، وتعذر ملكه لها لأن الكافر لا يملك المؤمن، وقال بعض أجلتهم إن في الكفارة شائبة الغرامات ونيتها في كافر كفر بالاعتاق للتمييز كما في قضاء الديون لا الصوم لأنه لا يصح منه لأن عبادة بدنية ولا ينتقل عنه للإطعام لقدرته عليه بالإسلام فإن عجز انتقل ونوى للتمييز أيضا، ويتصور ملكه للمسلم بنحو إرث أو إسلام قنه، أو يقول: لمسلم أعتق قنك عن كفارتي، فيجيب فإن لم يمكنه شيء من ذلك وهو مظاهر موسى منع من الوطء لقدرته على ملكه بأن يسلم فيشتريه انتهى.
وفي كتب بعض الأصحاب كالبحر وغيره كلام مع الشافعية في هذه المسألة فيه نقض وإبرام لا يخلو عن شيء والسبب في ذلك قلة تتبع معتبرات كتبهم، وقرأ الحرميان. وأبو عمرو - يظهرون - بشد الظاء والهاء، والأخوان. وابن عامر * (يظاهرون) * مضارع اظاهر، وأبي - يتظاهرون - مضارع تظاهر، وعنه أيضا - يتظهرون - مضارع تظهر، والموصول مبتدأ خبره محذوف أي مخطئون، وأقيم دليله وهو قوله تعالى؛ * (ما هن أمهاته) * مقامه أو هو الخبر نفسه أي ما نشاؤهم أمهاتهم على الحقيقة فهو كذب بحت.
وقرأ المفضل عن عاصم * (أمهاتهم) * بالرفع على لغة تميم، وقرأ ابن مسعود - بأمهاتهم - بزيادة الباء، قال الزمخشري: في لغة من ينصب أي بما الخبر - وهم الحجازيون - يعني أنهم الذي يزيدون الباء دون التميميين وقد تبع في ذلك أبا علي الفارسي، ورد بأنه سمع خلافه كقول الفرزدق وهو تميمي: لعمرك ما معن بتارك حقه * ولا منسيء معن ولا متيسر * (إن أمهاتهم) * أي ما أمهاتهم على الحقيقة * (إلا الائي ولدنهم) * فلا يشبه بهن في الحرمة إلا من ألحقها الله تعالى بهن كالمرضعات ومنكوحات الرسول صلى الله عليه وسلم فدخلن في حكم الأمهات، وأما الزوجات فأبعد شيء من الأمومة * (وإنهم ليقولون منكرا من القول) * ينكره الشرع والعقل والطبع أيضا كما يشعر به التنكير، ومناط التأكيد كونه منكرا، وإلا فصدور القول عنهم أمر محقق * (وزورا) * أي وكذبا باطلا منحرفا عن الحق، ووجه كون الظهار كذلك عند من جعله إخبارا كاذبا - علق عليه الشارع الحرمة والكفارة - ظاهر، وأما عند من جعله إنشاء لتحريم الاستمتاع في الشرع - كالطلاق على ما هو الظاهر - فوجهه أن ذلك باعتبار ما تضمنه من إلحاق الزوجة بالأم المنافي لمقتضى الزوجية * (وإن الله لعفو غفور) * أي مبالغ في العفو والمغفرة فيغفر ما سلف منه ويعفو عمن ارتكبه مطلقا أو بالتوبة، ويعلم من الآيات أن الظهار حرام بل قالوا: إنه كبيرة لأن فيه إقداما على إحالة حكم الله تعالى وتبديله بدون إذنه، وهذا أخطر من كثير من الكبائر إذ قضيته الكفر لولا خلو الاعتقاد عن ذلك، واحتمال التشبيه لذلك وغيره، ومن ثم سماه عز وجل * (منكرا من القول وزورا) *، وإنما كره - على ما ذكره بعض الشافعية أنت علي حرام - لأن الزوجية ومطلق الحرمة يجتمعان بخلافها مع التحريم المشابه لتحريم نحو الأم، ومن ثم وجب هنا الكفارة العظمى. وثم على ما قالوا: كفارة يمين، وقوله تعالى:
* (والذين يظاهرون من نسآئهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتمآسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير) *.
* (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا) * الخ تفصيل لحكم الظهار بعد بيان كونه أمرا منكرا