حديث أحمد. وأبي داود. والحاكم. وصححه عن مجمع بن جارية الأنصاري فأعطى للفارس سهمين وكان منهم ثلثمائة فارس وللراجل سهما، وقيل: مغانم هجر، وقرأ الأعمش. وطلحة. ورويس عن يعقوب، ودلبة عن يونس عن ورش. وأبو دحية. وسقلاب عن نافع. والانطاكي عن أبي جعفر * (تأخذونها) * بالتاء الفوقية والالتفات إلى الخطاب لتشريفهم في الامتنان * (وكان الله عزيزا) * غالبا * (حكيما) * مراعيا لمقتضى الحكمة في أحكامه تعالى وقضاياه جل شأنه.
* (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هاذه وكف أيدى الناس عنكم ولتكون ءاية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما) *.
* (وعدكم الله مغانم كثيرة) * هي على ما قال ابن عباس. ومجاهد. وجمهور المفسرين ما وعد الله تعالى المؤمنين من المغانم إلى يوم القيامة * (تأخذونها) * في أوقاتها المقدرة لكل واحدة منها * (فعجل لكم هاذه) * أي مغانم خيبر * (وكف أيدي الناس عنكم) * أيدي أهل خيبر وحلفائهم من بني أسد. وغطفان حين جاءوا لنصرتهم فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب فنكصوا، وقال مجاهد: كف أيدي أهل مكة بالصلح، وقال الطبري: كف اليهود عن المدينة بعد خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية وإلى خيبر، وقال زيد بن أسلم وابنه. المغانم الكثيرة الموعودة مغانم خيبر والمعجلة البيعة والتخلص من أمر قريش بالصلح، والجمهور على ما قدمناه، والمناسبة لما مر من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الخطاب وغيره بطريق الغيبة كقوله تعالى: * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك) * (الفتح: 18) تقتضي على ما نقل عن بعض الأفاضل أن هذا جار على نهج التغليب وإن احتمل تلوين الخطاب فيه، وذكر الجلبي في قوله تعالى: * (فعجل لكم هذه) * الخ إنه إن كان نزولها بعد فتح خيبر كما هو الظاهر لا تكون السورة بتمامها نازلة في مرجعه صلى الله عليه وسلم من الحديبية وإن كان قبله على أنها من الأخبار عن الغيب فالإشارة بهذه لتنزيل المغانم منزلة الحاضرة المشاهدة والتعبير بالمضي للتحقق انتهى، واختير الشق الأولى، وقولهم: نزلت في مرجعه عليه الصلاة والسلام من الحديبية باعتبار الأكثر أو على ظاهره لكن يجعل المرجع اسم زمان ممتد. وتعقب بأن ظاهر الأخبار يقتضي عدم الامتداد وأنها نزلت من أولها إلى آخرها بين مكة والمدينة فلعل الأولى اختيار الشق الثاني، والإشارة بهذه إلى المغانم التي أثابها إياها المذكورة في قوله تعالى: * (وأثابهم فتحا قريبا * ومغانم كثيرة يأخذونها) * (الفتح: 18، 19) وهي مغانم خيبر، وإذا جعلت الإشارة إلى البيعة كما سمعت عن زيد وابنه وروى ذلك عن ابن عباس لم يحتج إلى تأويل نزولها في مرجعه عليه الصلاة والسلام من الحديبية * (ولتكون ءاية للمؤمين) * الضمير المستتر، قيل: للكف المفهوم من * (كف) * والتأنيث باعتبار الخبر، وقيل: للكفة فأمر التأنيث ظاهر.
وجوز أن يكون لمغانم خيبر المشار إليها بهذه والآية الأمارة أي ولتكون أمارة للمؤمنين يعرفون بها أنهم من الله تعالى بمكان أو يعرفون بها صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في وعده إياهم فتح خيبر وما ذكر من المغانم وفتح مكة ودخول المسجد الحرام، واللام متعلقة إما بمحذوف مؤخر أي ولتكون آية لهم فعل ما فعل أو بما تعلق به علة أخرى محذوفة من أحد الفعلين السابقين أي فعجل لكم هذه أو كف أيدي الناس عنكم لتنتفعوا بذلك ولتكون آية، فالواو - كما في الإرشاد - على الأول اعتراضية وعلى الثاني عاطفة، وعند الكوفيين الواو زائدة واللام متعلقة بكف أو بعجل * (ويهديكم) * بتلك الآية * (صراطا مستقيما) * هو الثقة بفضل الله تعالى والتوكل عليه في كل ما تأتون وتذرون.
/ (21) * (وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شىء قديرا) *.