تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٣ - الصفحة ٤٩
ما أنت إلا أصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت وقيل: هو له عليه الصلاة والسلام والكلام فيه كالكلام في قوله صلى الله عليه وسلم أنا النبي الخ إلا أن هذا يحتمل أن يكون مشطورا إذا كان كل من شطريه بيتا وعلى وقوع التكلم بالبيت غير متزن مع إحراز المعنى كثيرا كما روي أنه عليه الصلاة والسلام أنشد: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا * ويأتيك من لم تزود بالأخبار فقال أبو بكر. رضي الله تعالى عنه ليس هكذا يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام: " إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي " وفي خبر أخرجه أحمد. وابن أبي شيبة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفة ويأتيك من لم تزود بالأخبار.
وأخرج ابن سعد. وابن أبي حاتم عن الحسن أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا فقال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله ما علمك الشعر وما ينبغي لك، وأخرج ابن سعيد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس: أرأيت قولك: أتجعل نهبي ونهب العبي‍ * د بين الأقرع وعيينة فقال له أبو بكر: رضي الله تعالى عنه بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أنت بشاعر ولا رواية ولا ينبغي لك إنما قال بين عيينة والأقرع، وروي أنه قيل له عليه الصلاة والسلام: من أشعر الناس؟ فقال: الذي يقول: ألم ترياني كلما جئت طارقا * وجدت بها وإن لم تطيب طيبا وأخرج البيهقي في سننه بسند فيه مجهول عن عائشة قالت ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط إلا بيتا واحدا: تفاءل بما تهوى يكن فلقلما * يقال لشيء كان إلا تحقق قالت عائشة ولم يقل تحققا لئلا يعربه فيصير شعرا، ثم إنه عليه الصلاة والسلام مع هذا لم يكن يحب الشعر ففي مسند أحمد بن حنبل عن عائشة قالت: كان أبغض الحديث إليه صلى الله عليه وسلم الشعر، وفي " الصحيحين " وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلىء شعرا " وهذا ظاهر في ذم الإكثار منه، وما روي عن الخليل أنه قال كان الشعر أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من الكلام مناف لما سمعت عن المسند، ولعل الجمع بالتفصيل بين شعر وشعر، وقد تقدم الكلام في الشعر مفصلا في سورة الشعراء فتذكر.
* (إن هو) * أي ما القرآن * (إلا ذكر) * أي عظة من الله عز وجل وإرشاد للثقلين كما قال سبحانه: * (إن هو إلا ذكر للعالمين) * (يوسف: 104) * (وقرآن مبين) * أي كتاب سماوي ظاهر أنه ليس من كلام البشر لما فيه من الإعجاز الذي ألقم من تصدى للمعارضة الحجر.
* (لينذر من كان حيا ويحق القول على الك‍افرين) *.
* (لينذر) * أي القرآن أو الرسول عليه الصلاة والسلام، ويؤيده قراءة نافع. وابن عارم * (لتنذر) * بتاء الخطاب. وقرأ اليماني * (لينذر) * مبنيا للمفعول ونقلها ابن خالويه عن الجحدري وقال: عن أبي السمال. واليماني أنهما قرءا * (ليذنر) * بفتح الياء والذال مضارع نذر بالشيء بكسر الذال إذا علم به.
* (من كان حيا) * أي عاقلا كما أخرج ذلك ابن جرير. والبيهقي في شعب الإيمان عن الضحاك، وفيه استعارة
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»