تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٠ - الصفحة ٥٩
ظرفا للتوسع فيه، أو قال إن أل هنا حرف تعريف لإرادة الثبوت تجوز أن يكون لك متعلقا بالناصحين أو بمحذوف يفسره ذلك.
واستدل القرطبي وغيره بالآية على جواز النميمة لمصلحة دينية.
* (فخرج منها خآئفا يترقب قال رب نجنى من القوم الظ‍المين) * * (فخرج منها) * أي من المدينة ممتثلا * (خائفا يترقب) * لحوق الطالبين * (قال رب نجني من القوم الظ‍االمين) *.
* (ولما توجه تلقآء مدين قال عسى ربىأن يهدينى سوآء السبيل) * * (ولما توجه) * أي صرف وجهه * (تلقاء مدين) * أي ما يقابل جانبها، وتلقاء في الأصل مصدر انتصب على الظرفية. ومدين قرية شعيب سميت باسم مدين بن إبراهيم عليه السلام لوم يكن في سلطان فرعون ولذا توجه لقريته، وقيل توجه إليها لمعرفته به، وقيل لقرابته منه عليهما السلام، وكان بينها وبين مصر مسيرة ثمان.
* (قال عسى ربي أن يهديني سوآء السبيل) * أي وسط الطريق المؤدى إلى النجاة، وإنما قال عليه السلام ذلك توكلا على الله تعالى وثقة بحسن توفيقه عز وجل، وكان عليه السلام لا يعرف الطرق فعن ثلاث طرائق فأخذ في الوسطى وأخذ طالبوه في الأخريين وقالوا: المريب لا يأخذ في أعظم الطرق ولا يسلك إلا لأبنياتها فبقي ثماني ليال وهو حاف لا يطعم إلا ورق الشجر. وعن سعيد بن جبير أنه عليه السلام لم يصل حتى سقط خف قدميه. وروي أنه عليه السلام أخذ يمشي من غير معرفة فهداه جبريل عليه السلام إلى مدين. وعن السدى أنه عليه السلام أخذ في بنيات الطريق فجاءه ملك على فرس بيده عنزة فلما رآه موسى عليه السلام سجد له أي خضع من الفرق، فقال: لا تسجد لي ولكن اتبعني فتبعه وانطلق حتى انتهى به إلى مدين.
* (ولما ورد مآء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعآء وأبونا شيخ كبير) * * (ولما ورد ماء مدين) * أي وصل إليه وورد. الورود بمعنى الدخول وبمعنى الشرب وليس شيء منهما مرادا والمراد بماء مدين بئر كانوا يسقون منها، فهو مجاز من إطلاق الحال وإرادة المحل * (وجد عليه) * أي فوق شفيره ومستقاه * (أمة من الناس) * أي جماعة كثيرة مختلفي الأصناف، ويشعر بالقيد الأول التنوين، وبالثاني من الناس لشموله للأصناف المختلفة وهي فائدة ذكره، وقيل فائدته تحقير أولئك الجماعة وأنهم لئام لا يعرفون بغير جنسهم أو محتاجون إلى بيان أنهم من البشر * (يسقون) * الظاهر أنهم كانوا يسقون مواشي مختلفة الأنواع بمعنى أن منهم من كان يسقى إبلا ومنهم من كان يسقى غنما وهكذا، وتخصص سقيهم بنوع يحتاج إلى توقيف * (ووجد من دونهم) * أي في مكان أسفل من مكانهم، وقيل من قربهم أو من سواهم أو مما يلي جهته إذا قدم عليهم وإلى هذا الأخير ذهب ابن عطية حيث قال: المعنى ووجد من الجهة التي وصل إليها قبل أن يصل إلى الأمة * (امرأتين) * اسم إحداهما قيل ليا وقيل عبرا وقيل شرفا، واسم الأخرى قيل صفوريا وقيل صفوراء وقيل صفيراء، وفي الكشاف صفيراء اسم الصغرى واسم الكبرى صفراء * (تذودان) * كانتا تمنعان غنمهما عن الماء خوفا من السقاة الأقوياء قاله ابن عباس وغيره، وقيل تمنعان غنمهما عن التقدم إلى البئر لئلا تختلط بغيرها. وحكى ذلك عن الزجاج. وقال قتادة: تمنعان الناس عن غنمهما. وقال الفراء: تحسبان غنمهما عن أن تتفرق، وفي جميع هذه الأقوال تصريح بأن المذود كان غنما، والظاهر أن ذلك عن توقيف،، وقيل تذودان عن وجوههما نظر الناظرين لتسترهما وهذا كما ترى. * (قال ما خطبكما) * أي ما مخطوبكما
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»