من الحق ما أخرج أحمد. والطيالسي. ونعم بن حماد. وعبد بن حميد. والترمذي وحسنه. وابن ماجه. وابن جرير. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. وابن مروديه. والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تخريج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم سليمن عليهما السلام فتجلو وجه المؤمن بالخاتم وتخطم أنف الكافر بالعصا حتى يجتمع الناس على الخوان يعرف المؤمن الكافر " وقد اختلفت الروايات فيها اختلافا كثيرا، فحكى أبو حيان في البحر. والدميري في حياة الحيوان رواية أنه يخرج في كل بلد دابة مما هو مبثوث نوعها في الأرض فليست دابة واحدة، وعليه يراد بدابة الجنس الصادق بالمتعدد، وأكثر الروايات أنها دابة واحدة وهو الصحيح، فالتعبير عنها باسم الجنس وتأكيد إبهامه بالتنوين الدال على التفخيم من الدلالة على غرابة شأنها وخروج أوصافها عن طور الباين ما لا يخفى، وعلى كونها واحدة اختلف فيها أيضا فقيل: هي من الإنس واستؤنس له بما روى محمد بن كعب القرظي قال: سئل علي كرم الله تعالى وجهه عن الدابة فقال: أما والله إنها ليست بدابة لها ذنب ولكن لها لحية، وفي " الميزان " للذهبي عن جابر الجعفي - وهو كذاب - قال أبو حنيفة: ما لقيت أكذب منه أنه كان يقول: هي من الإنس وانها علي نفسه كرم الله تعالى وجهه؛ وعلى ذلك جمع من إخوانه الشيعة ولهم في ذلك روايات: منها ما رواه علي بن إبراهيم في " تفسيره " عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: قال رجل لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان آية في كتاب الله تعالى أفسدت قلبي، قال عمار: وأية آية هي؟! فقال: قوله تعالى: * (وإذا وقع القول عليهم) * (النمل: 82) الآية فأية دابة هذه؟ قال عمار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أريكها فجاء عمار مع الرجال إلى أمير المؤمنين علي كرم الله تعالى وجهه وهو يأكل تمرا وزبدا فقال: يا أبا اليقظان هلم فجلس عمار يأكل معه فتعجب الرجل منه فلما قام عمار قال الرجل: سبحان الله حلفت أنك لا تجلس ولا تأكل ولا تشرب حتى ترينيها قال عمار: قد أريتكها إن كنت تعقل، وروى العياشي هذه القصة بعينها عن أبي ذر أيضا وكل ما يروونه في ذلك كذب صريح، وفيه القول بالرجعة التي لا ينتهض لهم عليها دليل.
وفي بعض الآثار ما يعارض ما ذكر، فقد أخرج ابن أبي حاتم عن النزال بن سبرة قال: قيل لعلي كرم الله تعالى وجهه: إن ناسا يزعمون أنك دابة الأرض، فقال: والله إن لدابة الأرض لريشا وزغبا ومالي ريش ولا رغب وأن لها لحافرا ومالي من حافر وأنها لتخرج من حفز الفرس الجواد ثلاثا وما خرج ثلثها، والمشهور - وهو الحق - أنها دابة ليست من نوع الإنسان، فقيل: هي الثعبان الذي كان في جوف الكعب واختطفته العقاب حين أرادت قريش بناء البيت الحرام فمنعهم وأن العقاب التي اختطفته ألقته بالحجون فالتقمته الأرض، وذكر ذلك الدميري عن ابن عباس، والأكثرون على أنها غيرها.
أخرج ابن أبي حاتم. وابن مردويه عن ابن الزبير أنه وصف الدابة فقال: رأسها رأس ثور وعينها عين خنزير وأذنها أذن فيل وقرنها قرن إيل وعنقها عنق نعامة وصدرها صدر أسد ولونها لون نمر وخاصرتها خاصرة هرة وذنبها ذنب كبش وقوائمها قوائم بعير بين كل مفصلين إثنا عشر ذراعا - زاد ابن جرير - بذراع آدم عليه السلام. ونقل السفاريني عن كعب أنه قال: صوتها صوت حمار، وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أنه قال: الدابة مؤلفة ذات زغب وريش فيها من ألوان الدواب كلها وفيها من كل أمة سيما وسيماها من هذه الأمة أنها تتكلم