فقيل لهم: بلى إيجابا لما نفوا، ثم استؤنف بعده الاستفهام وعودل بقوله تعالى: * (بل هم في شك منها) * بمعنى أم هم في شكل منها لأن حروف العطف قد تتناوب، وكف عن الجملتين بقوله تعالى: * (بل هم منها عمون) * اه، يعني أن المعنى أأدرك علمهم بالآخرة أم شكوا؟ فبل بمعنى أم عودل بها الهمزة، وتعقبه في " البحر " بأن جعل بل بمعنى أم ومعادلتها لهمزة الاستفهام ضعيف جدا، وقال بعض المحققين: ما فيه بلى فإثبات لشعورهم وتفسير له بالإدراك على وجه التهكم الذي هو أبلغ وجوه النفي والإنكار وما بعده من قوله تعالى: * (بل هم في شك) * الخ إضراب عن التفسير مبالغة في النفي ودلالة على أن شعورهم بها أنهم شاكون فيها بل أنهم منها عمون فهو على منوال.
تحية بينهم ضرب وجيع أورد إنكار لشعورهم على أن الإضراب إبطالي فافهم [بم وقوله تعالى:
* (وقال الذين كفروا أءذا كنا ترابا وءابآؤنآ أءنا لمخرجون) * * (وقال الذين كفروآ ءإذا كنا ترابا وءابآؤنا أئنا لمخرجون) * كالبيان لجهلهم بالآخرة وعما هم منها ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما في حيز صلته والإشعار بعلة حكمهم الباطل الذي تضمنه مقول القول، و - إذا - ظرف لمحذوف دل عليه - مخرجون - أي أنخرج إذا كنا ترابا ولا مساغ لأن يكون ظرفا * (لمخرجون) * لأن كلا من الهمزة وإن اللام على ما قيل: مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها فكيف بها إذا اجتمعت، ولم يعتبر بعضهم اللام مانعة بناءا على ما قرر في النحو من جواز تقدم معمول خبر إن المقرون باللام عليه نحو إن زيدا طعامك لآكل، ويكفي حينئذ مانعان وأظن أن من قال: يتوسع في الظروف ما لا يتوسع في غيرها لا يقول باطراد الحكم في مثل هذا الموضع ومرادهم بالإخراج الإخراج من القبور، وجوز أن يكون الإخراج من حال الفناء إلى الحياة، والأول هو الظاهر، وتقييد الإخراج بوقت كونهم ترابا ليس لتخصيص الإنكار بالإخراج حينئذ فقط فإنهم منكرون للإحياء بعد الموت مطلقا وإن كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار بتوجيهه إلى الإخراج في حالة منافية له بزعمهم، وقوله سبحانه: * (وآباؤنا) * عطف على اسم كان واستغنى بالفصل بالخبر عن الفصل بالتأكيد، وتكرير الهمزة في - أئنا - للمبالغة والتشديد في الإنكار، وتحلية الجملة بأن واللام لتأكيد الإنكار لا لإنكار التأكيد كما يوهمه ظاهر النظم الكريم، فإن تقديم الهمزة لأصالتها في الصدارة، والضمير في - أئنا - لهم ولآبائهم لأن الكون ترابا قدتنا ولهم وآباءهم، وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو - أئذا. وأئنا - بالجمع بين الاستفهامين، وقلب الثانية ياءا وفصل بينهما بألف أبو عمرو.
وقرأ نافع - إذا - بهمزة واحدة مكسورة فهمزة الاستفهام مقدرة مع الفعل المقدر لأن المعنى ليس على الخبر، و - آينا - بهمزة الاستفهام وقلب الثانية ياءا وبينهما مدة، وقرأ آخرون - أئذا - باستفهام ممدود أننا بنونين من غير استفهام.
* (لقد وعدنا هاذا نحن وءابآؤنا من قبل إن هاذآ إلا أساطير الاولين) * * (لقد وعدنا هذا) * أي الإخراج المذكور * (نحن وءابآؤنا من قبل) * أي من قبل وعد محمد صلى الله عليه وسلم، وتقديم الموعود على * (نحن) * هنا للدلالة على أنه هو الذي تعمد بالكلام وقصد به حتى كأن ما سواه مطرح وعلاوة له كما ينبىء عن ذلك ذكر ما صدر منهم أنفسهم مؤكدا مقررا مكررا؛ وتأخيره عنه في آية سورة المؤمنين لرعاية الأصل، ولا مقتضى للعدول إذ لم يذكر هناك سوى اتباعهم أسلافهم في الكفر وإنكار البعث من غير نعي ذلك عليهم، والجملة استئناف مسوق لتقرير الإنكار وتصديرها بالقسم لمزيد التأكيد، وقوله تعالى: * (إن هذا إلا أساطير الأولين) * تقرير إثر تقرير.
* (قل سيروا فى الارض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين) * * (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين) * بسبب تكذيبهم الرسل عليهم الصلاة والسلام