وأخرج ابن جرير وجماعة عن ابن عباس. وابن عمر. والحسن، وابن جبير أنهم قالوا: ما يكبر في صدورهم الموت فإنه ليس شيء أكبر في نفس ابن آدم من الموت، والمعنى لو كنتم مجسمين من نفس الموت لأعادكم فضلا عن أصل لايضاد الحياة إن لم يقتضها، وإن كان اللفظ غير ظاهر فيه * (فسيقولون) * لك: * (من يعيدنا) * مع ما بيننا وبين الإعادة من مثل هذه المباعدة والمباينة * (قل) * لهم تحقيقا للحق وإزاحة للاستبعاد وإرشادا إلى طريقة الاستدلال * (الذي فطركم) * أي القادر العظيم الذي اخترعكم * (أول مرة) * منغير مثال يحتذيه ولا أسلوب ينتحيه وكنتم ترابا ما شم رائحة الحياة أليس الذي يقدر على ذلك بقادر على أن يفيض الحياة على العظام البالية ويعيدها إلى حالها المعهودة بلى إنه سبحانه على كل شيء قدير، والموصول مبتدأ خبره يعيدكم المحذوف لدلالة السؤال عليه أو قاعل به أو خبر مبتدأ محذوف على اختلاف في الأول كما فصل في محله.
و * (أول مرة) * ظرف فطركم * (فسينغضون إليك رءوسهم) * أي سيحر كونها نحوك استهزاء كما روى عن ابن عباس وأنشد عليه قول الشاعر: أتنغض لي يوم الفخار وقد ترى * خيولا عليها كالأسود ضواريا ومثله قول الآخر: انغض نحوي رأسه وأقنعا * كأنه يطلب شيئا أطمعا وفي " القاموس " نغض كنصر وضرب نغضا ونغوضا ونغضانا ونغضا محركتين تحرك واضطرب كانغض وحرك كأنغض، وفسر الفراء الانغاض بتحريك الرأس بارتفاع وانخفاض، وقال أبو الهيثم، من أخبر بشيء فحرك رأسه انكارا له فقد أنغض رأسه فكأنه سيحركون رؤسهم إنكارا * (ويقولون) * استهزاء * (متى هو) * أي ما ذكرته من الإعادة، وجوز أن يكون الضمير للعود أو البعث المفهوم من الكلام * (قل) * لهم * (عسى أن يكون) * ذلك * (قريبا) * فإن ما هو محقق إتيانه قريب، ولم يعين زمانه لأنه من المغيبات التي لا يطلع عليها غيره تعالى ولا يطلع عليها سبحانه أحدا، وقيل: قربه لأن ما بقي من زمان الدنيا أقل مما مضى منه؛ وانتصاب * (قريبا) * على أنه خبر كان الناقصة واسمها ضمير يعود على ما أشير إليه، وجوز أن يكون منصوبا على الظرفية والأصل زمانا قريبا فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه فانتصب انتصابه وكان على هذا تامة وفاعلها ذلك الضمير أي عسى أن يقع ذلك في زمان قريب وأن يكون في تأويل مصدر منصوب وقع خبر لها أي عسى كونه قريبا أو في وقت قريب.
واعترض بأن عسى للمقاربة فكأنه قيل: قرب أن يكون قريبا ولا فائدة فيه، وأجيب بأن نجم الأئمة لم يثبت معنى المقارنة في عسى لا وضعا ولا استعمالا، ويدل له ذكر * (قريبا) * بعدها في الآية فلا حاجة إلى القول بأنها جردت عنه فالمعنى يرجى ويتوقع كونه قريبا.
* (يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا) * * (يوم يدعوكم) * منصوب بفعل مضمر أي اذكروا أو بدل من * (قريبا) * على أنه ظرف أو متعلق بيكون تامة بالاتفاق وناقصة عند من يجوز إعمال الناقصة في الظروف أو بتبعثون محذوفا أو بضمير المصدر المستتر في يكون أو عسى العائد على العود مثلا بناء على مذهب الكوفيين المجوزين اعمال ضمير المصدر كما في قوله: